في صدف عبوديتي وإن معرفتي تنقسم قسمين : معرفة صفة جمالي ومعرفة صلة جلالي ولكل واحد منهما مظهر والعبودية مشتملة على المظهرين بالانقياد لها والتمرد عنها فمن انقاد لها بالتسليم والرضى كما أمر به فهو مظهر صفات جمالي ولطفي ومن تمرد عليها بالإباء والاستكبار فهو مظهر صفات جلالي وقهري فحقيقة معنى قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون أي خلقت المقبولين منهم ليعبدوا الله فيكونوا مظهر صفات لطفه وخلقت المردودين منهم ليعبدوا الهوى فيكونوا مظهر صفات قهره هذا المعنى الذي أردت من خلقهم انتهى والحكمة لا تقتضي اتقاق الكل على التوحيد والعبادة والإخلاص والإقبال الكلي على الله فإن ذلك مما يخل بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا ولا بد من الغضب لتكميل مرتبة قبضة الشمال فإنه وإن كان كلتا يديه يميناً مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الأخرى فالأرض جميعاً قبضته والسموات مطويات بيمينه فاقتضت الحكمة الإلهية ظهور ما أضيف إليه كل من اليدين فللواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والجنان والأخرى القهر والغضب ولوازمهما وقد وجد كلا المقتضيين والمقصود الأصلي وجود الإنسان الكامل الذي هو مرآة جماله تعالى وكماله وقد وجد والسواد الأعظم هو الواحد على الحق وقال الواحدي مذهب أهل المعاني في الآية إلا ليخضوا لي ويتذللوا ومعنى العبادة في اللغة الذل والانقياد وكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله تعالى مذلل لمشيئته خلقه على ما أراد ورزقه كما قضى لا يملك أحد لنفسه خروجاً عما خلق عليه وقال ابن عباس رضي الله عنهما إلا ليقروا بالعبودية طوعاً أو كرهاً يعني أن المؤمنين يقرون له طوعاً والكافرون يقرون له بما جبلهم عليه من الخلقة الدالة على وحدانية الله وانفراده بالخلق واستحقاق العبادة دون غيره فالخلق كلهم بهذا له عابدون وعلى هذا قوله تعالى وله ما في السموات والأرض كل له قانتون على معنى ما يوجد منهم من دلائل الحدوث الموجبة لكونها مربوبة مخلوقة مسخرة كما في التيسير فهذه جملة الأقوال في هذا الباب وفي خلقهم للعبادة بطريق الحصر إشارة إلى أن الرروبية الله تعالى أن العبودية للمخلوقين وهي أخص أوصافهم حتى قالوا إنها إفضل من الرسالة ولذا قال تعالى أسري بعبده لا برسوله وقدم العبد في أشهد أن محمداً عبده ورسوله فمن ادعى البروبية من المخلوق فليخذر من تهديد الآية وجميع الكمالاتتعالى وأن ظهرت من العبد فالعبد مظهر فقط والظاهر هو الله وكماله والعبادات عشرة أقسام : الصلاة والزكاة والصوم والحج وقراءة قرآن وذكر الله في كل حال وطلب الحلال والقيام بحقوق المسلمين وحقوق الصحبة والتاسع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعاشر اتباع السنة وهو مفتاح السعادة وإمارة محبة الله كما قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
قال المولى الجامي :
يا نبي الله السلام عليك
إنما الفوز والفلاح لديك
كرنرفتم طريق سنت تو
هستم از عاصيان امت تو
مانده ام زير بار عصيان ست
افتم ازاى اكر نكيرى دست
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ١٩ من صفحة ١٧٩ حتى صفحة ١٨٨
فينبغي للعبد أن يعبد ربه ويتذلل لخالقه بأي وجه كان من الفرائض والواجبات والسنن
١٧٩


الصفحة التالية
Icon