دينهم إلى يوم القيامة كما تستقر الأرض بالجبال وأقسم بالكتاب المسطور وهو الكتاب المنزل عليه المسطور في اللوح المحفوظ في رق منشور هو المصاحف وأقيم بالبيت المعمور وهو النبي عليه السلام كان الله بيتاً بالكرامة معموراً وعند الله مسروراً مشكوراً وأقسم بالسقف المرفوع وهو رأس النبي عليه السلام كان والله سقفاً مرفوعاً وفي الدارين مشهوراً وعلى المنابر مذكوراً وأقسم بالبحر المسبحور وهو قلب محمد عليه السلام كان والله من حب الله مملوءاً فأقسم بنفس محمد عموماً وبرأسه خصوصاً وبقلبه ضياء ونوراً وبكتابه حجة وعلى المصاحف مسطوراً فأقسم الحبيب بالحبيب فلا وراءه قسم وقال شيخي وسندي روح الله روحه في كتاب اللائحات البرقيات له والطور أي طور الهوية الذاتية الأحدية الفردية المجردة عن الكل والحقيقة الجمعية الصمدية المطلقة عن الجميع وكتاب أي كتاب الوجود مسطور فيه حروف الشؤون الذاتية الكمالية الوجودية والإمكانية وكلمات الأعيان العلمية الجلالية والجمالية الوجوبية والإمكانية وآيات الأرواح والعقول المجردة القهرية واللطيفة وسور الحقائق والصور المثالية الحية المقربة والمبعدة في رق أي رق النفس الرحمانية والأمر الرباني منشور على ماهيات الممكنات وحقائق الكائنات مبسوط على أعيان المجردات وصور الممثلات بالفيض الأقدس والتجلي الذاتي أو لا الحاصل به كليات التعينات والظهورات وبالفيض المقدس والتجلي الصافاتي والأفعالي ثانياً المتحقق به جزئيات التشخصات والتميزات والقرآن والفرقان اللفظي الرسمي بجميع حروفه وكلماته وآياته وسوره إن هو إلا ذكر وقرآن مبين وهذا مكتوب بيد المخلوق ومسطور بخطه وذلك مكتوب بيد الخالق ومسطور بخطه فلذا كان واجب التعظيم ولازم التكريم بحيث لا يمسه إلا المطهرون من الحدث مطلقاً فيا شقاوة من عقل الكتاب الإلهي الرسمي وأقبل عليه بالتعظيم والتوقير وغفل عن الكتاب الإلهي الحقيقي وأهمله عن التعظيم والتوقيل بل أقدم عليه بالإهانة والتحقير ويا سعادة من عقلهما ولم يغفل عن واحد منهما ولم يهمل شأنهما بل أقبل على كل منهما بالتعظيم والتكريم انقياداً للشريعة في تكريم القرآن والفرقان اللفظي وإذعاناً للحقيقة في تحريم القرآن والفرقان الوجودي أداء لحق كل مرتبة وقضاء لدين كل منزلة قائماً في كل مقام بالعدل والإنصاف مجانباً في كل حال عن الجور والاعتساف.
يقول الفقير في ذلك الكتاب تفصيل عريض آخر لكل من الكتابين الحقيقي والمجازي واقتصرت هنا على شيء يسير مما ذكره لمناسبة المقام والمسؤول من الله الجامع الانتفاع بعلمه النافع "إن عذاب ربك لواقع" أي لنازل حتماً وهو جواب للقسم قال في فتح الرحمن المراد عذاب الآخرة للكفار لا العذاب الدنيوية وإليه الإشارة في الإرشاد في آخر السورة المتقدمة "ماله من دافع" يدفعه وهو كقوله تعالى لا مرد له من الله وبالفارسية نيست مران عذاب را هي دفع كننده بلكه بهمه حال واقع خواهد بود.
وهو خبر ثان لأن قال بعضهم : الفرق بين الدفع والرفع أن الدفع بالدال يستعمل قبل الوقوع والرفع بالراء يستعمل بعد الوقوع وتخصيص هذه الأمور بالأقسام بها لما أنها من أمور عظام تنبىء عن عظم قدرة الله وكمال علمه وحكمته الدالة على إحاطته بتفاصيل أعمال العبادة وضبطها الشاهدة بصدق أخباره التي
١٨٧
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤
من جملتها الجملة المقسم عليها وقال جبير بن مطعم قدمت المدينة لأكلم رسول الله عليه السلام في أساري بدر فلقيته في صلاة الفجر يقرأ سورة الطور وصوته يخرج من المسجد فلما بلغ إلي قوله أن عذاب ربك لواقع فكأنما صاع قلبي حين سمعته فكان أول ما دخل في قلبي الإسلام فأسلمت خوفاً من أن ينزل العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب ومثل هذا التأثير وقع لعمر رضي الله عنه حين بلغ دار الأرقم فسمع النبي عليه السلام يقرأ سورة طه فلان قلبه وأسلم فالقلوب المتهيئة للقبول تتأثر بأدنى شيء خصوصاً إذا كان الواعظ هو القرآن العظيم أو التالي هو الرسول الكريم أو وارثه المستقيم وأما القلوب القاسية فلا ينجع فيها الوعظ كما لم ينجع في قلب أبي جهل ونحوه.
قال الشيخ سعدي :
آهنى راكه موريانه بخورد
نتوان برداز وبصيقل زنك
باسيه دل ه سود كفتن وعظ
نرود ميخ آهنين درسنك