اسمها محذوف والجملة المنفية خبرها ومحل الجملة الجر على أنها بدل مما في صحف موسى أو الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل ما في صحفهما فقيل : هو أنه أي الشأن لا تحمل نفس من شأنها الحمل حمل نفس أخرى من حيث تتعرى منه المحمول عنها ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره ليتخلص الثاني من عقابه فابمراد بالوازرة هي التي يتوقع منها الوزر والحمل لا التي وزرت وحملت ثقلاً وإلا فكان المقام أن يقال لا تحمل فارغة وزر أخرى إذ لا تحمل مثقلة بوزرها غير الذي عليها وفي هذا إبطال قول من ضمن للوليد بن المغيرة أن يحمل عنه الإثم ولا يقدح في ذلك قوله تعالى كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً إذ ليس المعنى أن عليه إثم مباشرة سائر القاتلين بل المعنى أن عليه فوق إثم مباشرته للقتل المحظور إثم دلالته وسببيته لقتل هؤلاء وهما ليستا إلا من أوزاره فهو لا يحمل إلا وزر نفسه وكذا قوله عليه السلام : من سن سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة فإن ذلك وزر الإضلال الذي هو وزره ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلانسَـانِ إِلا مَا سَعَى﴾ إن مخففة من الثقيلة كأختها معطوفة عليها وللإنسان خبر ليس وإلا ما سعى اسمها مصدرية ويجوز أن تكون موصولة والسعي المشي الذريع وهو دون العدو ويستعمل للجد في الأمر خيراً كان أو شراً والمعنى وأنه أي الشأن ليس للإنسان في الآخرة إلا سعيه في الدنيا من العمل والنية أي كما لا يؤاخذ أحد بذنب الغير لا يثاب بفعله فهو بيان لعدم انتفاع الإنسان بعمل غيره من حيث جلب النفع أثر بيان عدم انتفاعه من حيث دفع الضرر عنه وظاهر الآية يدل على أنه لا ينفع أحداً عمل أحد واختلفوا في تأويلها فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عدم إثابة الإنسان بسعي غيره وفعله وهذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة بقوله تعالى : ألحقنا بهم ذريتهم فيدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء ويجعل الولد الطفل يوم القيامة في ميزان أبيه ويشفع الله الآباء في الأبناء والأبناء في الآباء يدل على ذلك قوله تعالى : آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً قال عكرمة : كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى وأما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما روي أن امرأة رفعت صبياً لها من محفة وقالت : يا رسول الله ألهذا حج؟ قال : نعم ولك أجر وقال رجل للنبي عليه السلام : إن أمي افتلتت نفسها أي ماتت فجأة فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال : نعم وقال الربيع بن أنس وإن ليس للإنسان إلا ما سعى يعني الكافر وأما المؤمن فعله ما سعى وما سعى له غيره وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول ويشهد له أن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
ـ روي ـ أن عائشة رضي الله عنها اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن رضي الله عنه بعد موته وأعتقت عنه وقال سعد للنبي عليه السلام : إن أمي توفيت أفأتصدق عنها : قال : نعم قال : فأي الصدقة أفضل؟ قال : سقي الماء فحفر بئراً وجعلها في سبيل الله وقال القرطبي في تذكرته : ويحتمل أن يكون قوله وأن ليس للإنسان إلا ما سعى خالصاً في السيئة بدليل قوله عليه السلام : قال الله : إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها عشراً إلى سبعمائة ضعف وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها سيئة واحدة
٢٤٧


الصفحة التالية
Icon