يقول الفقير : لعل سر تعذيبهم بالحجارة لأنهم حجروا ومنعوا من اللواطة فلم يمتنعوا بل رموا نطفهم إلى غير محل الحرث فرماهم الله بالحجر ومن ثمة ذهب أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أن حكم اللوطى أن يرجم وإن كان غير محصن وأيضاف أنهم يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى فإذا مر بهم عابر سبيل حذفوه فأيهم أصابه كان أولى به وأما الريح فلأنهم كانوا يضرطون في مجالسهم علانية ولا يتحاشون وأما انقلاب قراهم فلأنهم كانوا يقلبون المرد عند اللواطة فجازاهم الله بحسب أعمالهم وأيضاً قلبوا الحقيقة وعكسوها بأن تركوا محل الحرث وأتوا الأدبار ﴿إِلا ءَالَ لُوطٍ﴾ وهم أهل بيته الذين نجوا من العذاب وكانوا ثلاثة عشر وقيل يعني لوطاً وابنتيه وفي كشف الأسرار يعني بناته ومن آمن به من أزواجهن ﴿نَّجَّيْنَـاهُم بِسَحَرٍ﴾ أي في سحر من الأسحار وهو آخر الليل أو السدس الأخير منه وفي المفردات السحر اختلاط ظلام آخر الليل بصفاء النهاء وجعل أسماء لذلك الوقت ويجوز أن يكون حالاً أي ملتبسين بسحر.
ـ روي ـ إن الله أمره حتى خرج بهم بقطع من الليل فجاء العذاب قومه وقت السحر والاستثناء منقطع لأنه مستثنى من الضمير في عليهم وهو للمكذبين من قوم لوط ولا يدخل فيهم آل لوط لأن المراد به من تبعه على دينه ﴿نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا﴾ أي إنعاماً كائناً منا وهو علة لنجينا ويجوز أن يكون مصدراً من فعله أو من معنى نجيناهم لأن تنجيتهم انعام ﴿كَذَالِكَ﴾ أي مثل ذلك الجزاء العجيب ﴿نَجْزِى مَن شَكَرَ﴾ نعمتنا بالإيمان والطاعة يعني كذلك تنجى المؤمنين ﴿وَلَقَدْ أَنذَرَهُم﴾ لوط ﴿بَطْشَتَنَا﴾ أي أخذتنا الشديدة بالعذاب ﴿فَتَمَارَوْا﴾ فكذبوا ﴿بِالنُّذُرِ﴾ متشاكين فتماروا ضمن معنى التكذيب فعدى تعديته من المرية وأصله تماريوا على وزن تفاعلوا ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ﴾ المراودة أن تنازع غيرك في الإرادة فترود غير ما يروده وسبق تحقيقها في سورة يوسف والضيف بالفارسية مهمان والمعنى ولقد أرادوا من لوط تمكينهم ممن أتاه من أضيافه وهم الملائكة في صورة الشبان ومعهم جبريل وقصدوا الفجور بهم ظناً منهم أنهم بشر ﴿فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ﴾ الطمس المحو استئصال أثر الشيء أي فمسحناها وسويناها كسائر الوجه بحيث لم ير لها شق.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٦٢
ـ روي ـ أنهم لما دخولوا داره عنوة صفقهم جبريل بجناحه صفقة فتركتهم يترددون لا يهتدون إلى الباب حتى أخرجهم لوط والصفق الضرب الذي ليس له صوت ﴿فَذُوقُوا﴾ أي فقلنا لهم على ألسنة الملائكة ذوقوا
٢٨٠


الصفحة التالية
Icon