﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾ أي من الكفر والمعاصي ﴿فِى جَنَّـاتٍ﴾ أي بساتين عظيمة الشان بحيث لا يوصف نعيمها وما أعد فيها لأهلها ﴿وَنَهَرٍ﴾ أي أنهار كذلك يعني أنهار الماء والخمر والعمل واللبين والأفراد للأفراد للاكتفاء باسم الجنس مراعاة للفواصل ﴿فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ خبر بعد خبر وهو من إضافة والصدق بمعنى الجودة والمعنى في مكان مرضى ومجلس حق سالم من اللغو والتأثيم بخلاف مجالس الدنيا فقل إن سلمت من ذلك ﴿عِندَ مَلِيكٍ﴾ المراد من العندية قرب المنزلة والمكانة دون قرب المكان والمسافة والمليك أبلغ من المالك وهو بالفارسية ادشاه.
والتنكير للتعظيم والمعنى حال كونهم مقربين عند عزيز الملك واسمه لا يقادر قدر ملكه فلا شيء إلا وهو تحت ملكوته فأي منزلة أكرم من تلك وأجمع للغبطة كلها والسعادة بأسرها ﴿مُّقْتَدِرٍ﴾ قادر لا يعجزه شيء عال وأمره في الاقتدار.
وفي التأويلات النجمية يعني المتقين بالله عما سواه في جنات الوصلة وأنهار مياه المعرفة والحكمة
٢٨٥
ينغمسون فيها ويخرجون منها درر المعارف ولآلىء العوارف في مقعد صدق هو مقام الوحدة الذاتية في مقام العندية كما قال عليه السلام : أنيت عند ربي يطعمني ويسقيني ودر كشف الأسرار آورده كه كلمه عند رقم تقريب وتخصيص دارد يعني أهل قرب فردادران سرايدان اختصاص خواهند داشت وحضرت يغمبر عليه السلام امروز درين سر مخصوص بآن بوده كه "أبيت عند ربي" وون رتبه كه فردا خواص بآن نازند امروز اى ادناى وى بوده س از مرتبه اعلاى فرداى اوكه نشان تواند داد :
أي محرم سر لا يزالي
مرآت جمال ذي الجلالي
مهمان ابيت عند ربي
صاحب دل لا ينام قلبي
از قربت حضرت الهي
هستى بمثابه كه خواهى
قربى عبارتش نسنجد
در حوصله خرد نكنجد
كم كشته بود عبارت آنجا
بلكه نرسد عبارت آنجا
وفي الآية إشارة إلى أن تقوى توصل العبد إلى جنات الدرجات وأنهار العلوم والمعارف الحقيقية الإلهية ثم إلى مقام الصديقين ثم إلى مقام الوحدة الذاتية المشار إليها بالعندية قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه : مدح الله المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق وهو المقام الذي يصدق الله فيه وعده لأوليائه بأن يبيح لهم النظر إلى وجهه الكريم قيمت وعز آن بقعه نه بمرغ بريان وجوى روان وحيرات حسان است بلكه بديدار نانكه قيمت صدف بدر شاهوار كما قيل :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٦٢
وما عهدي بحب تراب أرض
ولكن من يحل بها حبيب
أي خوشا عيشا كه مؤمنا نراست دران مجلس انس وحظيره قدس باديه انتظار بريده بكعبه وصال رسيده خلعت رضا وشيده شربت سرور ازشمه وفانوشيده عيش بى عتاب ونعمت بي حساب وديدار بى حجاب يافته.
ـ روي ـ صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة أنه قال في هذه الآية أن أهل الجنة يدخلون كل يوم مرتين على الجبار تعالى فيقرأون عليه القرآن وقد جلس كل امرىء منهم مجلسه الذي له ومجلسي على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة بأعمالهم فلم تقر أعينهم بشيء قط كما تقر أعينهم بذلك ولم يسمعوا شيئاً أعظم ولا أحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم ناعمين قريرة أعينهم إلى مثلها من الغد قال بعضهم : المراد بمن في الآية هم الذين لا تحجبهم الجنة ولا النعيم ولا شيء عنه تعالى قال البقلي : يا أخي هؤلاء غرباء الله في الدنيا والآخرة أدخلهم في أغرب المنازل وهو مقام المجالسة معه بحيث لا يطلع عليه إلا أهل الصدق في طلبه وهم فقراء المعرفة الذين قال عليه السلام فيهم الفقراء جلساء الله.
سئل أبو يزيد البسطامي قدس سره عن الغريب قال الغريب : من أذا طالبه الخلق في الدنيا لم يجدوه ولو طالبه مالك في النار لم يجده ولو طالبه رضوان في الجنة لم يجده فقيل : أين يكون يا أبا يزيد؟ فقال : إن المتقين في جنات الخ فلا بد من الصدق وخدمة الصادقين حتى يصل الإنسان إلى هذا المطلب الجليل وهو على وجوه ومراتب أما الصدق
٢٨٦
في القول فبصون اللسان عن الكذب الذي هو أقبح الذنوب قال عليه السلام : التجار هم الكفار فقيل : أليس الله قد أحل البيع؟ قال : نعم ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون وقال عليه السلام : الكذب ينقص الرزق وفي الحديث :"أربع من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر" وأما الصدق في الحال فبصون الحال هما ينقصه مثلاً إذا عزم على أمر وحال من التسليم والتوكل وغيرهما فصدقه بالاستمرار على عزيمته والاحتراز عن النقض وأهل السلوك تهتمون في صدق الحال أشد الاهتمام.


الصفحة التالية
Icon