ودان من الدنو وهو القرب أصله دانوا مثل غازا أي ما يجتني من أشجارها من الثمار قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع وبالفارسية وميوه درختان آن دوبهشت نزديكست كه دست قائم وقاعد ومضطجع بدان رسد وقال ابن عباس رضي الله عنهما : تدنو الشجرة حتى يجتبيها ولي الله إن شاء قائماً وإن شاء قاعداً وإن شاء مضطجعاً وقال قتادة : لا يرد يده بعد ولا شؤك وكفته اندكسانى كه تكيه دارند وميوه آروز كنند شاخ درخت سرفرو دارد وآن ميوه كه خواهد بدهان وى درآيد.
يقول الفقير : إن البعد إنما نشأ من كثافة الجسم ولا كثافة في الجنة وأهلها أجسام لطيفة نورانية في صور الأرواح وقد قال من قال :"مصرع" بعد منزل نبود درسفر روحاني.
وأيضاً إن الطاعات في الدنيا كانت في مشيئة المطيع فثمراتها أيضاً في الجنة تكون كذلك فيتناولها بلا مشقة بل لا تناول أصلاً فإن سهولة التناول تصوير لسهولة الأكل فتلك الثمار تقع في الفم بلا أخذ على ما قال البعض ﴿فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ من هذه الآلاء اللذيذة الباقية ﴿فِيهِنَّ﴾ أي في الجنان المدلول عليها بقوله جنتان لما عرفت أنهما لكل خائفين من الثقلين أو لكل خائف حسب تعدد عمله وقد اعتبر الجمعية في قوله متكئين ﴿قَـاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ من إضافة اسم الفاعل إلى منصوبه تخففاً ومتعلق القصر وهو على أزواجهن محذوف للعلم به والمعنى نساء يقصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم وتقول كل منهن لزوجها وعزة ربي ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك فالحمد لله
٣٠٧
الذي جعلك زوجي وجعلني زوجك وقصر الطرف أيضاً من الحياء والغنج.
وون قصر الطرف برمعناى حيا وعنج بود معنى قاصرات الطرف آنست كه كنير كان بهشتى نازنينان اندازناز فرو شكسته شمان اند.
وقد يقال المعنى قاصرات الطرف غيرهن عليهن أي إذا راهن أحد لم يتجاوز طرفه إلى غيرهن لكمال حسنهن ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَآنٌّ﴾ اجلملة صفة لقاصرات الطرف لأن إضافتها لفظية يقال طمث المرأة من باب ضرب إذا افتضها بالتدمية أي أخذ بكارتها فالطمث الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر ثم أطلق على كل جماع طمث وإن لم يكن معه دم وفي القاموس الطمث المس والمعنى لم يمس الإنسيات أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن قبل أزواجهن المدلول عليهم بقاصرات الطرف يعني حوران كه براى انس مقرر اند دست آدمى بدامن ايشان نرسيده باشد وآنانكه براى جن مقرراند جن نيز درايشان تصرف نكرده باشد.
فهن كالرياض الأنف وهي التي لم ترعها الدواب قط وفيه ترغيب لتحصيلهن إذ الرغبة للابكار فوق الرغبة للثيبات ودليل على أن الجن من أهل الجنة وإنهم يطمثون كما يطمث الإنس فإن مقام الامتنان يقتضي ذلك إذ لو لم يطمثوا كمن قبلهم لم يحصل لهم الامتنان به ولكن ليس لهم ماء كماء الإنسان بل لهم هواء بدل الماء وبه يحصل العلوق في أرحام إناثهم كما في الفتوحات المكية وهذا يستدعى أن لا تصح المناكحة بين الإنس والجن وكذا العكس وقد ذهب إلى صحتها جم غفير من العلماء منهم صاحب آكام المرجان وأما قول ابن عباس رضي الله عنهما المخنثون أولاد الجن لأن الله ورسوله نهيا أن يأتي الرجل امرأته وهي حائض فإذا أتاها سبقه إليها الشيطان فحملت فجاءت بالمخنث وكذا قول مجاهد إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على احليله فجامع معه فلا يدل دلالة قطعية على أن جماعهم كجماع الإنس وإن من جماعهم الإنس يحصل العلوق بل فيه دلالة على شركة الجن معه بسبب الحيض وعدم التسمية كشركة الشيطان في الطعام الذي لم يسم عليه ونحو فهوه إفساد بالخاصية وإضرار بما يليق بمقامه والعلم عند الله تعالى ثم إن هؤلاء أي قاصرات من حور الجنة المخلوقات فيها ما يبتذلن ولم يمسسن وهذا قول الجمهور وقال الشعبي والكلبي من نساء الدنيا أي لم يجامعهن بعد النشأة الثانية أحد سواء كن في الدنيا ثيبات أو أبكاراً
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٨٨
﴿فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ من هذه النعم التي هي لتمتع نفوسكم وفيه إشارة إلى أن في الجنات للفانين في الله الباقين به حوراً من التجليات الذاتية والمعارف الإلهية والحكم الربانية مستورات عن عيون الأغيار لا يتبرجن ولا يظهرن على غير أربابهن لم يطلع عليهن إنس الروح ولا جان النفس لبقائهم بهم وظلمة نفسهم وكثافة طينتهم ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾ صفة لقاصرات الطرف قد سبق بيان المرجان وأما الياقوت فهو حجر صلب شديد اليبس رزين صاف منه أحمر وأبيض وأصفر وأخضر وأزرق وهو حجر لا تعمل فيه النار لقلة دهنيته ولا يثقب لغلظة رطوبته ولا تعمل فيه المبارد لصلابته بل يزداد حسناً على مر الليالي والأيام وهو عزيز قليل الوجود سيما الأحمر وبعده الأصفر أصبر على النار من سائر أصنافه وأما الأخضر منه فلا صبر له على
٣٠٨


الصفحة التالية
Icon