أي الموت ﴿وَغَرَّكُم بِاللَّهِ﴾ الكريم ﴿الْغَرُورُ﴾ أي غركم الشيطان بأنه عفو كريم لا يعذبكم قال قتادة : ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار قال الزجاج الغرور على ميزان فعول وهو من أسماء المبالغة يقال فلان أكول كثير الأكل وكذا الشيطان الغرور لأنه يغر ابن آدم كثيراً قال في المفردات : الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين بالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر ﴿فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ﴾ أيها المنافقون ﴿فِدْيَةٌ﴾ أي فداء تدفعون به العذاب عن أنفسكم يعني يزى كه فداى خود كنيدتا از عذاب برهيد.
والفداء حفظ الإنسان من النائبة بما يبذله عنه من مال أو نفس أي لا يؤخذ منكم دية ولا نفس أخرى مكان أنفسكم ﴿وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي ظاهراً وباطناً
٣٦٢
وفيه دلالة على أن الناس ثلاثة أقسام : مؤمن ظاهراً وباطناً وهو المخلص ومؤمن ظاهراً لا باطناً وهو المنافق وكافر ظاهراً وباطناً ﴿مَأْوَاـاكُمُ﴾ مرجعكم ﴿النَّارُ﴾ لا ترجعون إلى غيرها أبداً ﴿هِىَ﴾ أي النار ﴿مَوْلَـاـاكُمْ﴾ تتصرف فيكم تصرف المولا في عبيده لما أسلفتم من المعاصي أو أولى بكم فالمولى مشتق من الأولى بحذف الزوائد وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم كما يقال هو مئنة الكرم أي مكان لقول القائل إنه كريم فهو مفعل من أولى كما أن مئنة مفعلة من أن التي للتأكيد والتحقيق غير مشتقة من لفظها لأن الحروف لا يشتق منها بل ربما تتضمن الكلمة حروفها دلالة على أن معناها فيها أو ناصركم على طريقة قوله :"تحية بينهم ضرب وجيع" فإن مقصوده نفي التحية فيما بينهم قطعاً لأن الضرب الوجيع ليس بتحية فيلزم أن لا تحية بينهم البتة فكذا إذا قيل لأهل النار هي ناصركم يراد به أن لا ناصر لكم البتة أو متوليكم أي المتصرف فيكم تتولاكم كما توليتم في الدنيا موجباتها ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي المرجع النار.
وفي التأويلات النجمية أي نار القطيعة والهجران مولاكم ومتسلطة عليكم وبئس الرجوع إلى تلك النار وعن الشبلي قدس سره أنه رأى غصناً طرياً قد قطع عن أصله فبكى فقال أصحابه ما يبكيك فقال : هذا الفرع قد قطع عن أصله وهو طري بعد ولا يدري إن مآله إلى الذبول واليبس.
شبلي ديده زنى راكه ميكريد وميكويد يا ويلاه من فراق ولدى شبلي كريست وكفت يا ويلاه من فراق الأخدان زن كفت را نين ميكويى شبلى كفت توكريه ميكنى بر مخلوقى كه هراينه فانى خاهد شد من را كريه نكنم برفراق خالقى كه باقى باشد :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
فرزند وريار ونكه بميرند عاقبت
أي دوست دل مبند بجز حى لا يموت
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ٣٩ من صفحة ٣٦٣ حتى صفحة ٣٧٣
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ من أنى الأمر يأنى انيا واناء واناء إذا جاء أناه أي وقته وحان حينه وأدرك والخشوع ضراعة وذل أي ألم يجيىء وقت أن تخشع قلوبهم بذكره تعالى وتطمئن به ويسارعوا إلى طاعته بالامتثال لأوامره والانتهاء عما نهوا عنه من غير توان ولا فتور قال بعضهم : الذكر أن كان غير القرآن يكون المعنى أن ترق وتلين قلوبهم إذا ذكر الله فإن ذكر الله سبب الخشوع القلوب أي سبب فالذكر مضاف إلى مفعوله واللام بمعنى الوقت وإن كان القرآن فهو مضاف إلى الفاعل واللام للعلة لمواعظ الله تعالى التي ذكرها في القرآن ولآياته التي تتلى فيه وبالفارسية آيا وقت نيايد مر آنانرا كه كرويده اند آنكه بترسد ونرم شود دلهاى ايشان براى ياد كردن خداى ﴿وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ أي القرآن وهو عطف على ذكر الله فإن كان هو المراد به أيضاً فالعطف لتغاير العنوانين فإنه ذكر وموعظة كأنه حق نازل من السماء وإلا فالعطف كما في قوله تعالى : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ومعنى الخشوع له الانقياد التام لأوامره ونواهيه والعكوف على العمل بما فيه من الأحكام التي من جملتها ما سبق وما لحق من الإنفاق في سبيل الله روي أن المؤمنين كانوا مجدبين بمكة فلما هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه من الخشوع فنزلت وعن ابن مسعود
٣٦٣