جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
يمبركسى را شفاعت كرست
كه بر جاده شرع يغمبرست
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ٤٠ من صفحة ٣٧٣ حتى صفحة ٣٨٣
قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره : إن الله تعالى أرسلنا من عالم الأمر إلى عالم الأرواح ثم منه إلى عالم الأجسام وخلقنا في أحسن تقويم وأعطانا اختياراً جزئياً وقال : إن كنتم صرفتم ذلك الاختيار إلى جانب العبادات والطاعات وإلى طريق الوصول إلى الحسنات أخدلكم الجنة وأيسر لكم الوصال ورؤية الجمال وأمرنا بالإسراع إلى تلك الطريق على وجه المبالغة فإن صيغة المفاعلة للمبالغة وإنما أمر بمبالغة الإسراع لقلة عمر الدنيا وقد ذهب الأنبياء والأولياء ونحن نذهب أيضاً فينبغي أن نسرع في طريق الحق لئلا يفوت الوصول إلى الدرجات العالية بالإهمال والتكاسل وطريق الإسراع في مرتبة الطبيعة الامتثال بالأوامر والاجتناب عن النواهي وفي مرتبة النفس تزكيتها عن الأخلاق الردئية كالكبر والرياء والعجب الغضب والحسد وحب المال وحب الجاه وتحليتها بالأخلاق المحمودة كالتواضع والإخلاص ورؤية التوفيق من الله والحل والصبر والرضى والتسليم والعشق والإرادة ونحوها وفي مرتبة الروح بتحصيل معرفة الله تعالى وفي مرتبة السر بنفي ما سوى الله تعالى وقال البقلى قدس سره دعا المريدين إلى مغفرته بنعت الإسراع ودعا المشتاقين إلى جماله بنعت الاشتياق وقد دخل الكل في مظنة الخطاب لأن الكل قد وقعوا في بحار الذنوب حين لم يعرفوه حق معرفته ولم يعبدوه حق عبادته فدعاهم جميعاً إلى التطهير في بحر رحمته حتى صاروا متطهرين من غرورهم بأنهم
٣٧٣
عرفوه فإذا وصلوا إلى الله عرفوا أنهم لم يعرفوه فيأخذ الله بأيديهم بعد ذلك ويكرمهم بأنواع ألطافه ثم أن المسابقة إنما تكون بعد القصد والطلب.
وفي المثنوي :
كر كران وكر شتابنده بود
آنكه كوينده است يا بنده بود
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَآءِ وَالارْضِ﴾ أي كعرض سبع سموات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض على أن يكون اللام في السماء والأرض للاستغراق وإذا كان عرضها كذلك فما ظنك بطولها فإن طول كل شيء أكثر من عرضه قال إسماعيل السدي رحمه الله : لو كسرت السموات والأرض وصرن خردلاً فبكل خردلةجنة عرضها كعرض السموات والأرض ويقال : هذا التشبيه تمثيل للعباد بما يعقلون ويقع في نفوسهم مقدار السموات والأرض وتقديم المغرفة على الجنة لتقدم التخلية على التحلية ﴿أُعِدَّتْ﴾ هيئت ﴿لِلَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ فيه دليل على أن الجنة مخلوقة بالفعل كما هو مذهب أهل السنة وأن الإيمان وحده كاف في استحقاقها إذ لم يذكر مع الإيمان شيء آخر ولكن الدرجات بأعمال وفيه شيء فإن الإيمان بالرسل إنما يكمل بالإيمان بما في أيديهم من الكتب الإلهية والعمل بما فيها ﴿ذَالِكَ﴾ الذي وعد من المغفرة والجنة ﴿فَضْلِ اللَّهِ﴾ وعطاؤه وهو ابتداء لطف بلا علة ﴿يُؤْتِيهِ﴾ تفضلاً وإحساناً ﴿مَن يَشَآءُ﴾ إيتاءه إياه من غير إيجاب لا كما زعمه أهل الاعتزال ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ ولذلك يؤتى من يشاء مثل ذلك الفضل الذي لا غاية وراءه والمراد منه التنبيه على عطاء أن العظيم عظيم والإشارة إلى أن أحداً لا يدخل الجنة إلا بفضل الله نبياً أو ولياً قال عليه السلام : خرج منه عندي خليلي جبرائيل عليه السلام آنفاً فقال : يا محمد والذي بعثك بالحق إن عبداً من عباد الله عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل يحيط به بحر فأخر الله له عيناً عذبة في أسفل الجبل وشجرة رمان كل يوم تخرج رمانة فإذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام للصلاة فسأل ربه أن يقبض روحه ساجداً وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء على جسده سبيلاً على يبعثه الله وهو ساجد ففعل ونحن ونمر عليه إذا هبطنا وءذا عرجنا وهو على حاله في السجود قال جبريل : فنحن نجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله فيقول له الرب : ادخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول العبد : بل بعملي فيقول الله قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت عليه النعم الباقية بلا عبادة في مقابلتها فيقول الله ادخلوا عبدي النار فيجر إلى النار فينادي ويقول برحمتك ادخلني الجنة فيقول الله ردوه إلي فيوقف بين يديه فيقول عبدي : من خلقك ولم تك شيئاً فيقول من قواك على عبادة خمسمائة سنة فيقول : أنت يا رب فيقول : من أنزلك في جبل وسط البحر وأخرج الماء العذب من بين المالح وأخرج لك رمانة كل ليلة وإنما تخرج في السنة مرة واحدة وسألتني أن أقبضك ساجداً من فعل بك ذلك كله؟ فيقول : أنت يا رب قال : فذلك كله برحمتي وبرحمتي أدخلك الجنة :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
ورويى بخدمت نهى بر زمين
خدار ثنا كوى وخودرا مبين
اميدى كه دارم بفضل خداست
كه برسعى خود تكيه كردن خطاست
٣٧٤


الصفحة التالية
Icon