الهام رقم ٤٥ من صفحة ٤٢٤ حتى صفحة ٤٣٤
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
﴿وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ شروع في بيان حال ما أخذ من أموالهم بعد بيان ما حل بأنفسهم من العذاب العاجل والآجل وما فعل بديارهم ونخيلهم من التخريب والقطع وما موصولة مبتدأ وقوله فما أوجفتم خبره ويجوز جعلها شرطية وقوله فما أوجفتم جواباً والفيىء في الأصل بمعنى الرجوع وأفاء أعاد وأرجع فهو على أصل معناه هنا والمعنى ما أعاده إليه من مالهم أي جعله عائداً ففيه إشعار بأنه كان حقيقياً بأن يكون له عليه السلام وإنما وقع في أيديهم بغير حق فرجعه الله إلى مستحقه لأنه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين وهو عليه السلام رأسهم ورئيسهم وبه أطاع من أطاع فكان أحق به فالعود على هذا بمعنى أن
٤٢٤
يتحول الشيء إلى ما فارق عنه وهو الأشهر ويجوز أن يكون معناه صيره له فالعود على هذا بمعنى أن بتحول الشيء إلى ما فارق عنه وإن لم يكن ذلك التحول مسبوقاً بالحصول له والحمل هنا على هذا المعنى لا يحوج إلى تكلف توجيه بخلاف الأول وكلمة على تؤيد الثاني وقال بعضهم : أفاء الله مبني على أن الفيىء الغنيمة فمعنى أفاء الله على رسوله جعله فيئاً له خاصة وقال الراغب الفيىء والفيئة الرجوع إلى حالة محمودة وقيل للغنيمة التي لا يلحق فيها مشقة فيىء قال بعضهم : سمي ذلك بالفيىء تشبيهاً بالفيىء الذي هو الظل تنبيهاً على أن أشرف إعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل والفئة الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضهم إلى بعض في التعاضد وقال المتطرزي في المغرب في الفرق بين الغنيمة والفيىء والنفل أن الغنيمة عن أبي عبيد ما نيل من أهل الشرك عنوة والحرب قائمة وحكمها أن تخمس وسائرها بعد الخمس للغانمين خاصة والفيىء ما نيل منهم بعدما تضع الحرب أوزارها وتصير الدار دار إسلام وحكمه أن يكون لكافة المسلمين ولا يخمس والنفل ما بنفله الغازي أي يعطاه زائداً على سهمه وهو أن يقول الإمام أو الأمير : من قتل قتيلاً فله سلبه أو قال للسرية : ما أصبتم فلكم ربعه أو نصفه ولا يخمس وعلى الإمام الوفاء به وعن علي بن عيسى الغنيمة أعم من النفل والفيىء أعم من الغنيمة لأنه اسم لكل ما صار للمسلمين من أموال أهل الشرك قال أبو بكر الرازي فالغنيمة فيىء والجزية فيىء ومال أهل الصلح فيىء والخراج فيىء لأن ذلك كله مما أفاه الله على المسلمين من المشركين وعند الفقهاء كل ما يحل أخذه من أموالهم فهو فيىء
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
﴿مِنْهُمْ﴾ أي بني النضير ﴿فَمَآ﴾ نافية ﴿أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ﴾ أي فما أجريتم على تحصيله وتغنمه من الوجيف وهو سرعة السير يقال أوجفت البعير أسرعته وفي القاموس الوجيف ضرب من سير الخيل والإبل وقيل : أوجف فأعجف ﴿مِنْ خَيْلٍ﴾ من زائدة بعد النفي أي خيلاً وهو جماعة الافراس لا واحد له أو واحده خائل لأنه يختال والجمع أخيال وخيول كما في القاموس وقال الراغب الخيلاء التكبر من نخيل فضيلة تترا أي للإنسان من نفسه ومنها تتأول لفظة الخيل لما قيل إنه لا يركب أحد فرساً إلا وجد في نفسه نخوة والخيل في الأصل اسم للافراس والفرسان جميعاً قال تعالى : ومن رباط الخيل ويستعمل في كل واحد منهما مفرداً نحو ما روي يا خيل الله اركبي فهذا للفرسان وقوله عليه السلام : عفوت لكم عن صدقة الخيل يعني الافراس انتهى.
والخيل نوعان : عتيق وهجين فالعتيق ما أبواه عربيان سمي بذلك لعتقه من العيوب وسلامته من الطعن فيه بالأمور المنقصة وسميت الكعبة بالبيت العتيق لسلامتها من عيب الرق لأنه لم يملكها ملك قط وإذا ربط الفرس العتيق في بيت لم يدخله شيطان والهجين الذي أبوه عربي وأمه عجمية والفرق أن عظم البرذونة أعطم من عظم الفرس وعظم الفرس أصلب وأثقل والبرذونة أحمل من الفرس والفرس أسرع منه والعتيق بمنزلة الغزال والبرذونة بمنزلة الشاة والفرس برى المنامات كبني آدم ولا طحال له وهو مثل لسرعته وحركته كما يقال للبعير لأمرارة له أي له جسارة ﴿وَلا رِكَابٍ﴾ هي ما يركب من الإبل خاصة كما أن الراكب عندهم راكبها لا غير وأما راكب الفرس فإنهم يسمونه فارساً ولا واحد لها من لفظها وإنما الواحدة منها
٤٢٥