يقول الفقير : إنما بايع عليه السلام الرجال مع مس الأيدي دون النساء لأن مقام الشارع يقتضي الاحتياط وتعليم الأمة وإلا فإذا جاز مصافحة عمر رضي الله عنه لهن كما في بعض الروايات جاز مصافحته عليه السلام لهن لأنه أعلى حالاً من عمر من كل وجه وبالجملة كانت البيعة مع النساء والرجال أمراً مشروعاف بأمر الله وسنته بفعل رسول الله ومن ذلك كانت عادة مستحسنة بين الفقراء الصوفية حين أرادت التوبة تثبيتاً للإيمان وتجديداً لنور الإيقان على ما أشبعنا الكلام عليه في المبايعة في سورة الفتح وذكرنا كل طرف منها فيها فارجع.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢
وفي التأويلات النجمية قوله تعالى : يا أيها النبي إذا جاءك الخ يخاطب نبي الروح ويشير إلى النفوس المؤمنة الداخلة تحت شريعة نبي الروح يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً من حب الدنيا وشهواتها ولذاتها وزينتها وزخارفها ولا يسرقن من أخلاق الهوى المتبع وصفاته الرديئة ولا يزنين أي مع الهوى بالاتفاق معه والاتباع له ولا يقتلن أولادهن أي لا يمنعن ولا يرددن أولاد الخواطر الروحانية والإلهامات الربانية ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن يعني لا يدعين بما لم يحصل لهن من المواهب العلوية من المشاهدات والمعاينات والتجريد والتفريد ولا من العطايا السفلية من الزهد والورع والتوكل والتسليم لأنهن ما بلغن بعد إليها ولا يعصينك في معروف أي في كل ما تأمرهن من الأخلاق والأوصاف فبايعهن أي فأقبل مبايعتهن بين يديك بالصدق والإخلاص واستغفر لهن الله مما وقع منهن قبل دخولهن في ظل أنوارك من المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية إن الله غفر يسترها بالموافقات الشرعية رحيم بهن يرحمهن بالمخالفات الطبيعية يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قوْمًا} دوستى مكيند باكروهى كه.
فالتولي هنا بمعنى الموالاة والموادة ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ صفة لقوماً وكذا قد يئسوا وهم
٤٩١
جنس الكفار لأن كلهم مغضوب عليهم لا رحمة لهم من الرحمة الأخروية وقيل اليهود لما روي أنها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم وهو قول الأكثرين وقد قال تعالى في حق اليهود وغضب الله عليهم وجعل منهم القردة والخنازير والقوم الرجال وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأن قوم كل نبي رجال ونساء ﴿قَدْ يا ـاِسُوا مِنَ الاخِرَةِ﴾ اليأس انقطاع الطمع يعني نوميد شدند از آخرت.
لكفرهم بها وعدم إيقانهم على أن يراد بقومه عامة الكفرة ومن لابتداء الغاية أو لعلمهم بأنه لا خلاق لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات على أن يراد به اليهود والتقدير من ثواب الآخرة يعني أنهم أهل الكتاب يؤمنون بالقيامة لكنهم لما أصروا على الكفر حسداً وعناداً يئسوا من ثوابها قال عليه السلام : ما معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً وإني جئتكم بحق فأسلموا ﴿كَمَا يا ـاِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَـابِ الْقُبُورِ﴾
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢
من بيان للكفار أي كائنين منهم أي كما يئس منها الذين ماتوا منهم لأنهم وقفوا على حقيقة الحال وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم والمراد وصفهم بكمال اليأس منها قال مقاتل : إن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك شديد الانتهار ثم يسأله من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول : لا أدري فيقول الملك أبعدك الله أنظر إلى منزلتك من النار فيدعو بالويل والثبور ويقول هذا لك فيفتح باب الجنة فيقول هذا لمن آمن بالله فلو كنت آمنت بربك نزلت الجنة فيكون حسرة عليه وينقطع رجاؤه ويعلم أنه لا حظ له فيها وييأس من خير الجنة وقيل من متعلقة بيئس فالمعنى كما يئسوا من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا إلى الدنيا أحياء والإظهار في موضع الإضمار للإشعار بعلة يأسهم وهو الكفر والقبر مقر الميت والمقبرة موضع القبور وفي الآية إشارة إلى الأبدان المريضة المعتلة النجسة الخبيثة المظلمة فإن الكفار أيسوا من خروجهم ضيق قبور أخلاقهم السيئة إلى سعة قضاء صفاتهم الحسنة وكذا سائرهم من أهل الحجب الكثيفة ومن أصحاب القبور من حاله على عكس هذا كما أشار النبي عليه السلام بقوله كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أصحاب القبور وهم من ماتوا بالاختيار قبل الموت بالاضطرار وذلك بالفناء التام فكانت أجسادهم لأرواحهم كالقبور للموتى نسأل الله الختم بالسعادة بحرمة من له كمال السيادة والدفن في أحب البقاع إليه والقدوم بكمال البشرى عليه والقيام بمزيد الفخر لديه :
خدايا بحق بني فاطمة
كه بر قول ايمان كنم خاتمه
خداوندكار انظركن بجو
كه جرم آيداز بندكان دروجود
ومارا بدنيا توكردى عزيز
بعقبى همين شم داريم نيز
٤٩٢
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢


الصفحة التالية
Icon