يقول الفقير : هو اعتراض على معنى الإزاحة المذكورة لكنه ليس بشيء فإن اهتداء من ذكره من نحو ورقة إنما كان في باب التوحيد فقط فقد كانوا في ضلال من الشرائع والأحكام ألا ترى إلى قوله تعالى : ووجدك ضالاً فهدى مع أنه عليه السلام لم يصدر منه قبل البثة شرك ولا غيره من شرب الخمر والزاني واللغو واللهو فكونهم مهتدين من وجه لا ينافي كونهم ضالين من وجه آخر دل على هذا المعنى قوله تعالى يتلو عليهم الخ فإن بالتلاوة وتعليم الأحكام والشرائع حصل تزكية النفس والنجاة من الضلال مطلقاً فاعرفه ﴿وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ جمع آخر بمعنى غير وهو عطف على الأميين أي بعثه في الأميين الذين على عهده وفي آخرين من الأميين أو على المنصوب في يعلمهم أي يعلمهم ويعلم آخرين منهم وهم الذين جاءوا من العرب فمنهم متعلق بالصفة لآخرين أي وآخرين كائنين منهم مثلهم في العربية والأمية وإن كان المراد العجم فمنهم يكون متعلقاً بآخرين.
قال الكاشفي : أصح اقوال آنست كه هركه باسلام در آمده ودرمى آيد بعد از وفات آن حضرت عليه السلام همه درين آخرين داخلند.
فيكون شاملاً لكل من أسلم وعمل صالحاً إلى يوم القيامة من عربي وعجمي وفي الحديث :"إن في أصلاب رجال من أمتي رجالاً ونساء يدخلون الجنة بغير حساب" ثم تلا الآية ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ صفة لآخرين أي لم يلحقوا بالأميين بعد ولم يكونوا في زمانهم وسيلحقونه بهم ويكونون بعدهم عرباً وعجماً وذلك لما أن منفي لما لا بد أن يكون مستمر النفي في الحال وأن يكون متوقع الثبوت بخلاف منفي لم فانه يحتمل الاتصال نحو ولم أكن بدعائك رب شقيا والانقطاع مثل لم يكن شيئاً مذكوراً ولهذا جاز لم يكن ثم كان ولم يجز لما يكن ثم كان بل يقال لما يكن وقد يكون.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥١٢
ـ روي ـ سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال : رأيتني أسقي غنماً سوداً ثم أتبعتها غنماً عفراً أولها يا أبا بكر فقال : يا نبي الله أما السود فالعرب وأا العفر فالعجم تتبعك بعد العرب فقال عليه السلام : كذلك أولها الملك يعني جبرائيل عليه السلام يقال شاة عفراء يعلو بياضها حمرة ويجمع على عفر مثل سوداء وسود وقيل لما يلحقوا بهم في الفضل والمسابقة لأن التابعين لا يدركون شيئاً مع الصاحبة وكذلك العجم مع العرب ومن شرائط الدين معرفة فضل العرب على العجم وحبهم ورعاية حقوقهم وفي الآية دليل على أن رسول الله
٥١٥
صلى الله عليه وسلّم رسول نفسه وبلاغه حجة لأهل زمانه ومن بلغ لقوله تعالى ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ المبالغ في العزة والغلبة ولذلك مكن رجلاً أمياً من ذلك الأمر العظيم ﴿الْحَكِيمِ﴾ المبالغ في الحكمة ورعاية المصلحة ولذلك اصطاه من بين كافة البشر ﴿ذَالِكَ﴾ الذي امتاز به من بين سائر الأفراد وهو أن يكون نبي أبناء عصره ونبي أبناء العصور الغوابر ﴿فَضْلِ اللَّهِ﴾ وإحسانه ﴿يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ﴾ تفضلاً وعطية لا تأثير للأسباب فيه فكان الكلام من صرفاً لا تمازجه العلل ولا تكسبه الحيل ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ الذي يستحقر دونه نعم الدنيا ونعيم الآخرة وفي كشف الأسرار والله ذو الفضل العظيم على محمد وذو الفضل العظيم على الخلق بإرسال محمد إليهم وتويقهم لمبايعته انتهى.
يقول الفقير وأيضاً والله ذو الفضل العظيم على أهل الاستعداد من أمة محمد بإرسال ورثة محمد في كل عصر إليهم وتوفيقهم للعمل بموجب إشاراتهم ولولا أهل الإرشاد والدلالة لبقي الناس كالعميان لا يدرون أين يذهبون وإنما كان هذا الفضل عظيماً لأن غايته والوصول إلى الله العظيم وقال بعض الكبار والله ذو الفضل العظيم إذ جمع الفضائل الأسمائية تحت الاسم الأعظم وهو جامع أحدية جميع الأسماء وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ذهب أهل الدثور بالأجور فقال : قولوا سبحان الله والحمدولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فقالوها وقالها الأغنياء فقيل إنهم شاركونا قال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وفي بعض الروايات إذا قال الفقير سبحان الله والحمدولا إله إلا الله والله أكبر مخلصاً وقال الغني مثل ذلك لم يلحق الغني بالفقير في فضله وتضاعف الثواب وإن أنفق الني معها عشرة آلاف درهم وكذلك أعمال البر كلها.
قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٥١٢
نقنطار زر بخش كردن زكنج
نباشد و قيراطى ازدست رنج