كما في كشف الأسرار قال بعض الكبار : القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم على ثلاثة أقسام لأنها إا قرابة في الصورة فقط أو في المعنى فقط أو في الصورة والمعنى فأما القرابة في الصورة فلا يخلو إا أن تكون بحسب طينته كالسادات الشرفاء أو بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين وكل منهما نسبة صورية وأما قرابته عليه السلام في المعنى فهم الأولياء لأن الولي هو ولده الروحي القائم بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلى الله عليه وسلّم سلمان منا أهل البيت إشارة إلى القرابة المعنوية وأما القرابة في الصورة والمعنى معافهم الخلفاء والأئمة القائمون مقامه سواء كان قبله كأكابر الأنبياء الماضين أو بعده كالأولياء الكاملين وهذه أعلى مراتب القرابة وتليها القرابة الروحية ثم القرابة الصورية الدينية ثم قرابة الطينية فإن جمعت ما قبلها فهي الغاية وقال بعضهم إن الله خلق الأرواح من عالم الملكوت والأشباح من عالم الملك
٧٧
ونفخ فيها تلك الأرواح وجعل بينها النفوس الأمارة التي ليست من قيل الأرواح ولا من قبيل الأشباح وجعلها مخالفة للأرواح ومساكنها أي الأشباح فأرسل عليها جند العقول ليدفع بها شرها وهي العقول المجردة والأخروية وإلا فالعلوق الغريزية والدينوية لا تقدر عن الدفع بل هي معينة للنفس فإذا امتحن الله عباده المؤمنين هيج نفوسهم الأمارة ليظهره حقائق درجاتهم من الإيمان والأخوة وأمرهم أن يعينوا العقل والروح والقلب على النفس حتى تنهزم لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً فهم كنفس واحدة لأن مصادرهم مصدر واحد وهو آدم عليه السلام ومصدر روح آدم نور الملكوت ومصدر جسمه تربة الجنة في بعض الأقوال ولذلك يصعد الروح إلى الملكوت الجسم إلى الجنة ما قال عليه السلام :"كل شيء يرجع إلا أصله".
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٦١
وفي التأويلات النجمية : اعلم أن أخوة النسب إنما تثبت إذا كان منشأ النطف صلباً واحداً فكذلك أخوة الدين منشأ نطفها صلب النبوة وحقيقة نطفها نور الله فإصلاح ذات بينهم برفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب ليصيروا كنفس واحدة كما قال عليه السلام :"المؤمنون كنفس واحدة إن اشتكى عضو واحد تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر" :
بني آدم أعضاى يكديكرند
كه در آفرينش زيك جوهرند
و عضوى بدر دآورد روزكار
دكر عضوها رانماند قرار
ومن حق الأخوة في الدين أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ويسرك ما سره ويسوءك ما ساءه وأن لا تحوجه إلى الاستعانة بك وإن استعان تعنه وتنصره ظالماً أو مظلوماً فمنعك إياه عن الظلم فذلك نصرك ءياه وفي الحديث : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ومن حقه أن لا تقصر في تفقد أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج إلى مسألتك وأن لا تلجئه إلى الاعتذار بل تبسط عذره فإن أشكل عليك وجهه عدت باللائمة على نفسك في خفاء عذره وتتوب عنه إذا أذنب وتعوده إذا مرض وإذا أشار إليك بشيء فلا تطالبه بالدليل وإيراد الحجة كما قالوا :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهمو
لأية حرب أم باى مكان
والاستنجاد يارى خواستن.
قيل لفيلسوف : ما الصديق؟ فقال : اسم بلا مسمى وقال فضيل لسفيان : دلني على من أركن إليه فقال : ضالة لا توجد وقال أبو إسحاق الشيرازي :
سألت الناس عن خل وفي
فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود حر
فإن الحر في الدنيا قليل
قيل : أبعد الناس سفراً من كان سفره في طلب أخ صالح قال أعرابي : اللهم احفظني من الصديق فقيل له في ذلك قال الحذر منه أكثر من الحذر من العدو قال علي رضي الله عنه : إخوان هذا الزمان
٧٨
جواسيس العيوب وقد أحسن من قال : الأخ الصالح خير لك من نفسك لأن النفس أمارة بالسوء والأخ لا يأمرك إلا بخير وقيل : الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين وشبر بشبر يسع المتحابين كما قال الحكماء : ده درويش در كليمى بخسبند ودو ادشاه در اقليمي نكنجند.