في حال قيام الذنب به كما في كتاب الجواهر والدرر للشعراني وقال الشعراني في الكبريت الأحمر قلت : ويجوز حمل نحو قوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر على نسبة الذنب إليه من حيث أن شريعته هي التي حكمت بأنه ذنب فلولا أوحي به إليه ما كان ذنباً فجميع ذنوب أمته يضاف إليه وإلى شريعته بهذا التقدير وكذلك ذنب كل نبي ذكره الله وقد قالوا لم يعص آدم وإنما عصى بنوه الذين كانوا في ظهره فما كان قوله ليغفر لك إلخ إلا تطميناً له عليه السلام أن الله قد غفر جميع ذنوب أمته التي جاءت بها شريعته ولو بعد عقوبة بإقامة الحدود عليهم في دار الدنيا كما وقع لما عز ومن الواجب على كل مؤمن انتحال الأجوبة للأكابر جهده وذلك ما يحبه الله ويحبه من أحبنا عنه فافهم هذا اعتقادنا الذي نلقي الله عليه إن شاء الله تعالى انتهى.
وفي التأويلات النجمية : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً يشير إلى فتح باب قلبه عليه السلام إلى حضرة ربوبيته بتجلي صفات جماله وجلاله وفتح ما انغلق على جميع القلوب ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك أي : ليستر لك بأنوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدأ خلق روحك وهو أول شيء تعلقت به القدرة كما قال أول ما خلق الله روحي وفي رواية نوري وما تأخر أي : من ذنب وجودك إلى الأبد وذنب الوجود هو الشركة في الوجود وغفره ستره بنور الوحدة لمحو آثار الاثنينية انتهى.
وقال بعض الأكابر :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢
اعلم أن فتوح رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثلاثة : أولها : الفتح القريب وهو فتح باب القلب بالترفي في مقام النفس وذلك بالمكاشفات الغيبية والأنوار اليقينية وقد شاركه في ذلك أكثر المؤمنين، وثانيها : الفتح المبين بظهور أنوار الروح وترقي القلب إلى مقامه وحينئذٍ تترقى النفس إلى مقام القلب فتستتر صفاتها المظلمة بالأنوار القلبية وتنتفي بالكلية وذلك معنى قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فالسابقة الهيئات المظلمة على فتح باب القلب والمتأخرة الهيئات النورانية المكتسبة بالأنوار القلبية التي تظهر في التلوينات فيخفى حالها ولا تنتفي هذه بالفتح القريب وإن انتفت الأولى لأن مقام القلب لا يكمل إلا بعد الترقي إلى مقام الروح واستيلاء أنواره على القلب فيظهر تلوين القلب وينتفي تلوين النفس بالكلية ويحصل في هذا الفتح مغانم المشاهدات الروحية والمسامرات السرية، وثالثها : الفتح المطلق المشار إليه بقوله : إذا جاء نصر الله والفتح وهو فتح باب الوحدة بالفناء المطلق والاستغراق في عين الجمع بالشهود الذاتي.
وظهور النور الإحدى فمن صحت له متابعة النبي عليه السلام أثابه الله مغانم كثيرة وفتوحات فإن حسن المتابعة سبب لفيضان الأنوار الإلهية بواسطة روحانية النبي عليه السلام.
قال الشيخ سعيد قدس سره :
خلاف يميبر كسى ره كزيد
كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
مندار سعدى كه راه صفا
توان رفت جزبرى مصطفى
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢
وذلك أن الفلاسفة والبراهمة والرهابنة ادعوا معرفة الله والوصول إليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الأنبياء وإرشاد الله تعالى فانقطعوا دون الوصول إليه ويتم نعمته عليك بإعلاء الدين وضم الملك إلى النبوة وغيرهما مما أفاضه عليه من النعم الدينية والدنيوية ﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرياسة وأصل الاستقامة وإن كانت حاصلة قبل الفتح لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلاً قبل
١٠


الصفحة التالية
Icon