﴿وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ﴾ أي ذي المجد والشرف على سائر الكتب على أن يكون للنسب كلابن وتامر أو لأنه كلام المجيد يعني أن وصف القرآن بالمجد وهو حال المتكلم به مجاز في الإسناد أو لأن من علم معانيه وعمل بما فيه مجد عند الله وعند الناس وشرف على أن يكون مثل بنى الأمير المدينة في الإسناد إلى السبب قال الإمام الغزالي رحمه الله : المجيد هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمي مجيداً وهو الماجد أيضاً ولكن أحدهما أدل على المبالغة وجواب القسم محذوف أي أنك يا محمد لنبي منذر أي مخوف من عذاب الله تعالى ﴿بَلْ عَجِبُوا﴾ أي فراعنة قريش ومتعنتوهم ﴿أَن جَآءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ﴾ أي لأن جاءهم منذر من جنسهم لا من جنس الملك وهو إضراب عما ينبىء عنه الجواب أي أنهم شكوا فيه ولم يكتفوا بالشك والتردد بل جزموا بالخلاف حتى جعلوا ذلك من الأمور العجيبة وقال بعضهم : جواب القسم محذوف ودليل ذلك قوله بل لأنه لنفى ما قبله فدل على نفي مضمر وتقديره أقسم بجبل قاف الذي به بقاء دنياكم وبالقرآن الذي به بقاء دينكم ما كذبوك ببرهان وبمعرفة بكذبك بل عجبوا الخ والعجب نظر النفس لأمر خارج عن العادة ﴿فَقَالَ الْكَـافِرُونَ هَـاذَا شَىْءٌ عَجِيبٌ﴾ تفسير لتعجبهم وبيان لكونه مقارناً لغاية الإنكار وهذا إشارة إلى كونه عليه السلام منذراً بالقرآن وحاصله كون النذير منا خصص بالرسالة من دوننا وكون ما أنذر به هو البعث بعد موت كل شيء بليغ في الخروج عن عادة إشكاله وهو من فرط جهلهم لأنهم عجبوا أن يكون الرسول بشراً وأوجبوا أن يكون الإله حجراً وأنكروا البعث مع أن أكثر ما في الكون مثل ذلك من إعادة كل من الملوين بعد ذهابه وإحياء الأرض بعد موتها وإخراج النبات والأشجار والثمار وغير ذلك ثم أن إضمار الكافرين أولاً للإشعار بتعينهم بما أسند إليهم من المقال وأنه إذا ذكر شيء خارج عن سنن الاستقامة انصرف ءليهم إذ لا يصدر إلا عنهم فلا حاجة إلى إظهار ذكرهم وءظهارهم ثانياً للتسجيل عليهم بالكفر بموجبه ﴿أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا﴾ أي أحين نموت فتفارق أرواحنا أشباحنا ونصير تراباً لا فرق بيننا وبين تراب الأرض نرجع ونبعث كما ينطق به النذير والمنذر به مع كمال التباين بيننا وبين الحياة حينئذ والهمزة للإنكار أي لا نرجع ولا نبعث
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
﴿ذَالِكَ﴾ إشارة إلى محل النزاع أي مضمون الخبر برجوعها ﴿رَجْعُ﴾ الرجع متعد بمعنى الرد بخلاف الرجوع أي رد إلى الحياة وإلى ما كنا عليه ﴿بَعِيدٌ﴾ جداً عن الأوهام أو العادة أو الإمكان أو عن الصدق غير كائن لأنه لا يمكن تمييز
١٠٣