فمنها جنها وضرامها، ومتى وعدت من كرم الله جعلت الثغور تضحك في وجوه الغيوب، وان أوعدت جعلت الالسنة ترعد من حمى القلوب، ومعان بينا هي عذوبة ترويك من ماء البيان، ورقة تستروح منها نسيم الجنان، ونور تبصر به في مرآة الايمان وجه الامان، وبينا هي ترف بندى الحياة على زهرة الضمير، وتخلق في اوراقها من معاني العبرة معنى العبير، وتهب عليها بأنفاس الرحمة فتنم بسر هذا العالم الصغير، ثم بيناهى تتساقط من الافواه تسافط الدموع من الاجفان، وتدع القلب من الخشوع كأنه جنازة ينوح عليها اللسان، وتمثل للمذنب حقيقة الانسانية حتى يظن انه صنف آخر من الانسان، إذا هي بعد ذلك اطباق السحاب وقد انهارت قواعده، والتمعت ناره وقصفت في الجو رواعده، وإذا هي السماء وقد اخذت على الارض ذنبها واستأذنت في صدمة الفزع ربها، فكادت ترجف الراجفة تتبعها الرادفة، وانما هي عند ذلك زجرة واحدة، فإذا الخلق طعام الفناء وإذا الارض مائدة.
انتهى كلام الرافعى رحمه الله تعالى
هذا وان ومن عظمة القرآن في ذاته اقرار علماء الافرنج بسمو مكانته واعترافهم برفيع منزلته، وخشوعهم لدي سماع ترتيل آياته، واعجابهم بما حواه من نظام الكون ودستور المدنية والعمران.