ثم أعطت لكل واحدة منهن سكينا، وليست أي سكين ولكنها سكين حادة، وطعاما مما يتم قطعه بالسكين خاصة، وليس أي طعام أخر، لتتأكد أنهن سيستعملن تلك السكين، وهذا من شدة مكرها وأنها قد أعدت للأمر عدته٠ وعندما وجدتهن قد انهمكن في تقطيع ما بأيديهن من طعام، قالت ليوسف:
؟ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ؟.
دخل يوسف على النسوة، فهالهن ما رأين من جماله، ولم يكن يتخيلن أن يوجد رجلا بمثل هذا الجمال الأخاذ، حتى أنهن نسين ما بأيديهن من طعام يقطعنه حتى وصل حد السكين إلي أيديهن فقطعتها.
فيقول الإمام الشعراوي:
أكبرنه: أي وجد على صورة فوق ما تخيلت، وهن حين أذين امرأة العزيز بتداول خبر مراودتها له عن نفسه تخيلن له صورة ما من الحسن.
لكنهن حين رأينه فاقت حقيقته المرئية كل صورة تخيلنها عنه فحدث لهن الانبهار، وأول مراحل الانبهار هي الذهول الذي يجعل الشئ الذي طرأ عليك يذهلك عما تكون يصدده...... انتهى
أحست النسوة بالألم من جراح أيديهن، فعادت العقول إلي صوابها.
وكان الاعتراف: ؟ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ٌ؟. وكلمة: ؟ حَاشَ لِلّهِ ؟ : هي للتنزيه.
كما قال الإمام الشعراوي : هي تنزيه لله سبحانه عن العجز عن خلق هذا الجمال المثالي، أو أنهن قد نزهن صاحب تلك الصورة عن حدوث منكر أو فاحشة بينه وبين امرأة العزيز،( وإنني إذ أعتبر هذا دليل براءة آخر على لسان إمام الدعاة لنبي الله يوسف)..... انتهى
وقالت النسوة تلك الكلمة: ؟ حَاشَ لِلّهِ ؟ تعظيما ليوسف واحتقارا لأنفسهن، ثم قلن: ؟ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ؟: لا يمكن أن يكون هذا الجمال على بشر، امرأة كان أو رجل، لأنه فاق التخيل والتصور، ولا يمكن أن يكون إلا على الملائكة، ونحن لا نظن إلا أن يكون ملك من الملائكة الكرام.
الاعتراف الأول