ثم أظهرت إصرارها وتحديها لفعل الفاحشة مع يوسف في جرأة أمام النسوة، لأنها وجدت في النسوة ميل إلي يوسف، فأعلنت تحديها له: ؟ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ ؟ يوسف ٣٢
فأصبح الطلب مكشوفا، ومفضوحا، وبلا حياء لأنها وجدت نفسها وقد انهزمت من قبل أمام يوسف، إذا فعليه الآن أن يفعل وبالأمر، وإن لم يطع أمرها فإنه سيعاقب بالسجن، وسينزل من المنزلة التي هو عليها الآن من كونه المقرب إليها في حاشيتها، ورأى من مظاهر العز والترف ما لم يره غيره، إلي السجن، ويفعل أشياء تصغر من شأنه.
وهذا يظهر لنا ما لنساء علية القوم من تأثير في القرارات التي تصدر وتخص العامة والدولة.
وجد يوسف نفسه أمام تحد جديد، وهو من اختبار الله له، واختبار لإيمانه وصبره، ويعلمنا الله من خلاله كيف نقف أمام الشدائد، وكيف ومتى نلجأ إلي الركن الشديد.
فالمرأة مازالت مصرة على الفعل، وهذه المرة ليست كسابقتها، فإن لم يفعل فالسجن أمامه، وليس السجن فقط، ولكن سينزل من المكانة التي هو فيها الآن من ترف العيش ورغده، إلي منازل الذين يقومون بالأعمال المشينة، وهو غير معتاد على هذا.
أي شاب هذا الذي يترك النعيم والترف بجوار امرأة العزيز، وينزل إلي منازل الصاغرين، هل من أجل ليلة مع امرأة، وأي امرأة إنها امرأة العزيز التي إن وافق على طلبها فسيكون في منزلة يحسده عليها العزيز نفسه.
وليس مع امرأة العزيز وحدها ولكن مع نساء علية القوم أيضا.
ثم أليست هذه هي الفحشاء التي تكلم الله فيها وقال فيها : ؟ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ؟ يوسف ٢٤.
ولكن يوسف له رأى أخر: وليتعلم منه رجال الأمة وشبابها، الذين آثروا الحياة الدنيا على الآخرة، ونسوا أن لهم ربا مطلع على أفعالهم، وسيحاسبهم بها يوم العرض عليه.
ماذا قال يوسف:


الصفحة التالية
Icon