- حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ؟ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ؟ : أي جاهلا إذا ركبت معصيتك.
القرطبي :
قوله تعالى: ؟ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ؟ أي دخول السجن، فحذف المضاف؛ قاله الزجاج والنحاس. ؟ أَحَبُّ إِلَيَّ ؟أي أسهل علي وأهون من الوقوع في المعصية؛ لا أن دخول السجن مما يحب على التحقيق.
؟ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ ؟ أي كيد النسوان. وقيل: كيد النسوة اللاتي رأينه؟ فإنهن أمرنه بمطاوعة امرأة العزيز، وقلن له: هي مظلومة وقد ظلمتها. وقيل: طلبت كل واحدة أن تخلو به للنصيحة في امرأة العزيز؛ والقصد بذلك أن تعذله في حقها، وتأمره بمساعدتها، فلعله يجيب؛ فصارت كل واحدة تخلو به على حدة فتقول له: يا يوسف! اقض لي حاجتي فأنا خير لك من سيدتك؛ تدعوه كل واحدة لنفسها وتراوده؛ فقال: يا رب كانت واحدة فصرن جماعة. وقيل: كيد امرأة العزيز فيما دعته إليه من الفاحشة؛ وكنى عنها بخطاب الجمع إما لتعظيم شأنها في الخطاب، وإما ليعدل عن التصريح إلي التعريض. والكيد الاحتيال والاجتهاد؛ ولهذا سميت الحرب كيدا لاحتيال الناس فيها
قوله تعالى: ؟ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ؟ جواب الشرط، أي أمل إليهن، من صبا يصبو - إذا مال واشتاق - صبوا وصبوة
أي إن لم تلطف بي في اجتناب المعصية وقعت فيها. ؟ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ؟أي ممن يرتكب الإثم ويستحق الذم، أو ممن يعمل عمل الجهال؛ ودل هذا على أن أحدا لا يمتنع عن معصية الله إلا بعون الله؛ ودل أيضا على قبح الجهل والذم لصاحبه.
ابن كثير: