صفحة رقم ١٠٢
البقرة :( ١٩٤ ) الشهر الحرام بالشهر.....
) الشهر الحرام بالشهر الحرام (، وذلك أن النبي ( ﷺ ) والمسلمين ساروا إلى مكة محرمين
بعمرة، ومن كان معه عام الحديبية، لست سنين من هجرته إلى المدينة، فصدهم مشركو
مكة، وأهدى أربعين بدنة، ويقال : مائة بدنة، فردوه وحبسوه شهرين لا يصل إلى
البيت، وكانت بيعة الرضوان عامئذ، فصالحهم النبي ( ﷺ ) على أن ينحر الهدى مكانه في
أرض الحرم ويرجع في يدخل مكة، فإذا كان العام المقبل خرجت قريش من مكة،
وأخلوا له مكة ثلاثة أيام، ليس مع المسلمين سلاح إلا في غمده، فرجع النبي ( ﷺ )، ثم
توجه من فوره ذلك إلى خيبر، فافتتحها في المحرم، ثم رجع إلى المدينة، فلما كان العام
المقبل، وأحرم النبي ( ﷺ ) وأصحابه بعمرة في ذي القعدة وأهدوا.
ثم أقبلوا من المدينة، فأخلى لهم المشركون مكة ثلاثة أيام، وأدخلهم الله عز وجل
مكة، فقضوا عمرتهم ونحروا البدن، فأنزل الله عز وجل :( الشهر الحرام ( الذي دخلتم
فيه مكة هذا العام ) بالشهر الحرام (، يعني الذي صدوكم فيه العام الأول، ) والحرمات قصاص (، يعني اقتصصت لك منهم في الشهر الحرام، يعني في ذي القعدة كما
صدوكم في الشهر الحرام، وذلك أنهم فرحوا وافتخروا حين صدوا النبي ( ﷺ ) عن
المسجد الحرام، فأدخله الله عز وجل من قابل، ثم قال سبحانه :( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه (، وذلك أن أصحاب النبي ( ﷺ ) أهلوا إلى مكة محرمين بعمرة، فخافوا ألا
يفي لهم المشركون بدخول المسجد الحرام، وأن يقاتلوهم عنده، فأنزل الله عز وجل :
( فمن اعتدى عليكم ( فقاتلكم في الحرم، ) فاعتدوا عليه (، يقول : فقاتلوهم فيه،
)( بمثل ما اعتدى عليكم ( فيه، ) واتقوا الله (، يعني المؤمنين، ولا تبدءوهم بالقتال في
الحرم، فإن بدأ المشركون فقاتلوهم، ) واعلموا أن الله ( في النصر ) مع المتقين ) [ آية :
١٩٤ ]، الشرك، فخبرهم أنه ناصرهم.
تفسير سورة البقرة آية [ ١٩٥ ]
البقرة :( ١٩٥ ) وأنفقوا في سبيل.....
قوله سبحانه :( وأنفقوا في سبيل الله (، وذلك أن النبي ( ﷺ ) والمسلمين ساروا من
المدينة إلى مكة محرمين بعمرة في العام الذي أدخله الله عز وجل مكة، فقال ناس من
العرب منازلهم حول المدينة : والله ما لنا زاد، وما يطعمنا أحد، فأمر الله عز وجل
بالصدقة عليهم، فقال سبحانه :( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (، أي ولا تكفوا أيديكم


الصفحة التالية
Icon