صفحة رقم ١٤٣
الصدقة كما أبطل المن والأذى صدقة المؤمن، ثم أخبر عمن من بها على صاحبه، فلم
يعط عليها أجرا ولا ثوابا، ثم ضرب الله عز وجل لهما مثلا فقال : في مثله :( فمثله كمثل صفوان (، يعني الصفا، ) عليه تراب فأصابه وابل (، يعني المطر الشديد،
)( فتركه صلدا (، يقول : ترك المطر الصفا صلدا نقيا أجرد، ليس عليه تراب،
فكذلك المشرك الذي ينفق في غير إيمان، وينفق رئاء الناس، وكذلك صدقة المؤمن إذا
من بها.
) وذلك قوله سبحانه :( لا يقدرون على شيء مما كسبوا (، يقول : لا يقدرون
على ثواب شيء مما أنفقوا يوم القيامة وذلك قوله عز وجل :( مثل الذين كفروا بربهم
أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على ) ) ثواب ( ( شيء ) [ إبراهيم : ١٨ ] يوم القيامة، كما لم يبق على الصفا شيء من التراب
حين أصابه المطر الشديد، ) والله لا يهدي القوم الكافرين ) [ آية : ٢٦٤ ].
تفسير سورة البقرة آية [ ٢٦٥ ]
البقرة :( ٢٦٥ ) ومثل الذين ينفقون.....
ثم ذكر نفقة المؤمن الذي يريد بنفقته وجه الله عز وجل، ولا يمن بها، فقال سبحانه :
( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم (، يعني
وتصديقا من قلوبهم، فهذا مثل نفقة المؤمن التي يريد بها وجه الله عز وجل، ولا يمن
بها ) كمثل جنة بربوة (، يعني بستان في مكان مرتفع مستو، تجري من تحتها
الأنهار ) أصابها (، يعني أصاب الجنة ) وابل (، يعني المطر الكثير الشديد، ) فآتت
أكلها (، يقول : أضعفت ثمرتها في الحمل ) ضعفين (، فكذلك الذي ينفق ماله
لله عز وجل من غير أن يضاعف له نفقته إن كثرت أو قلت، كما أن المطر إذا اشتد، أو
قل أضعف ثمرة الجنة حين أصابها وابل، ) فإن لم يصبها وابل فطل (، أي أصابها
عطش من المطر، وهو الرذاذ مثل الندى، ) والله بما تعملون (، يعني بما تنفقون
) بصير ) [ آية : ٢٦٥ ].


الصفحة التالية
Icon