صفحة رقم ١٨٤
تفسير سورة آل عمران من آية [ ١٠٢ - ١٠٤ ]
آل عمران :( ١٠٢ ) يا أيها الذين.....
) يأيها الذين ءامنوا (، يعني الأنصار، ) اتقوا الله حق تقاته (، وهو أن يطاع فلا
يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وان يشكر فلا يكفر، نسختها :( فاتقوا الله ما استطعتم ) [ التغابن : ١٦ ]، وذلك انه كان بين الأوس والخزرج عداوة في الجاهلية في
دم شمير وحاطب، فقتل بعضهم بعضا حينا، فلما هاجر النبي ( ﷺ ) إلى المدينة أصلح
بينهم، فلما كان بعد ذلك، فاتخر منهم رجلان أحدهما ثعلبة بن غنيمة من الاوس،
والآخر سعد بن زرارة من بني الخزرج من بني سلمة بن جشم، فجرى الحديث بينهما
فغضبا، فقال الخزرجي : أما والله لو تأخر الإسلام عنا وقدوم رسول الله ( ﷺ ) علينا لقتلنا
سادتكم، واستعبدنا أبناءكم، ونكحنا نساءكم بغير مهر، فقال الأوسي : قد كان
الإسلام متأخرا زمانا طويلا، فهلا فعلتم، فقد ضربناكم بالمرهفات حتى أدخلناكم
الديار، وذكرا الأشعار والموتى، وافتخرا وانتسبا، حتى كان بينهما دفع وضرب بالأيدي
والسعف والنعال، فغضبا فناديا، فجاءت الأوس إلى الأوس، والخزرج إلى الخزرج
بالسلاح، وأسرع بعضهم إلى بعض بالرماح، فبلغ ذلك النبي ( ﷺ )، فركب حمارا
وأتاهم، فلما أن عاينهم ناداهم :( يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ( ) ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) [ آية : ١٠٢ ]، يعني معتصمين بالتوحيد.
آل عمران :( ١٠٣ ) واعتصموا بحبل الله.....
) واعتصموا بحبل الله (، يعني بدين الله، ) جميعا ولا تفرقوا (، يعني ولا تختلفوا
في الدين كما اختلف أهل الكتاب، ) واذكروا نعمت الله عليكم ( الإسلام، ) إذ كنتم أعداء ( في الجاهلية يقتل بعضكم بعضا، ) فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا (،
يعني برحمته إخوانا في الإسلام، ) وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها (، يقول
للمشركين : الميت منكم في النار، والحي منكم على حرف النار، إن مات دخل النار،
)( فأنقذكم منها (، يعني من الشرك إلى الإيمان، ) كذلك (، يعني هكذا، ) يبين الله
لكم ءاياته (، يعني علاماته في هذه النعمة، أعداء في الجاهلية، إخوانا في الإسلام،
)( لعلكم (، لكي ) تهتدون ) [ آية : ١٠٣ ]، فتعرفوا علاماته في هذه النعمة.