صفحة رقم ١٩٤
١٤١ ]، يعني ويذهب دعوة الكافرين الشرك، يعني المنافقين، فيبين نفاقهم وكفرهم، ثم
بين للمؤمنين أنه نازل بهم الشدة والبلاء في ذات الله عز وجل، فقال :( أم حسبتم (
يعني أحسبتم، وذلك أن المنافقين قالوا للمؤمنين يوم أحد بعد الهزيمة : لم تقتلون
أنفسكم، وتهلكون أموالكم، فإن محمدا لو كان نبيا لم يسلط عليه القتل ؟ قال المؤمنون :
بلى، من قتل منا دخل الجنة، فقال المنافقون : لم تمنون أنفسكم بالباطل ؟ فأنزل الله تعالى :
آل عمران :( ١٤٢ ) أم حسبتم أن.....
) أم حسبتم ( معشر المؤمنين ) أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله (، يعني ولما يرى الله
) الذين جاهدوا منكم ( في سبيل الله ) و ( لما ) ويعلم (، يعني يرى
) الصابرين ) [ آية : ١٤٢ ] عند البلاء، وليمحص، أي يقول : إذا جاهدوا وصبروا رأى
ذلك منهم، وإذا لم يفعلوا لم ير ذلك منهم.
آل عمران :( ١٤٣ ) ولقد كنتم تمنون.....
) ولقد كنتم تمنون الموت (، وذلك حين أخبر الله عز وجل عن قتلى بدر، وما هم
فيه من الخير، قالوا : يا نبي الله، أرنا يوما كيوم بدر، فأراهم الله عز وجل يوم أحد،
فانهزموا فعاتبهم الله عز وجل، فقال سبحانه :( ولقد كنتم تمنون الموت ( ) من قبل أن تلقوه (، يعني القتال من قبل أن يلقوه، ) فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ) [ آية :
١٤٣ ]، وقالوا يومئذ : إن محمدا ( ﷺ ) قد قتل، فقال بشر بن النضر الأنصاري، وهو عم
أنس بن مالك : إن كان محمدا ( ﷺ ) قد قتل، فإن رب محمد حي، أفلا تقاتلون على ما
قاتل عليه رسول الله ( ﷺ ) حتى تلقوا الله عز وجل.
آل عمران :( ١٤٤ ) وما محمد إلا.....
ثم قال النضر : اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء،
ثم شد عليهم بسيفه فقتل منهم من قتل، وقال المنافقون يومئذ : ارجعوا إلى إخوانكم
فاستأمنوهم، فارجعوا إلى دينكم الأول، فقال النضر عند قول المنافقين تلك المقالة،
فأنزل الله عز وجل :( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل (، يقول : وهل
محمد، عليه السلام، لو قتل إلا كمن قتل قبله من الأنبياء، ) افإين مات ( محمد ) أو قتل انقلبتم على أعقابكم (، يعني رجعتم إلى دينكم الأول الشرك، ثم قال :( ومن ينقلب على عقبيه (، يقول : ومن يرجع إلى الشرك بعد الإيمان، ) فلن يضر الله شيئا (
بارتداده من الإيمان إلى الشرك، إنما يضر بذلك نفسه، ) وسيجزي الله الشاكرين (