صفحة رقم ٢٥٠
فطعنه أسامة برمحه فقتله وسلبه وساق غنمه، فلما قدم المدينة أخبر أسامة النبي ( ﷺ )،
فلامه النبي ملامة شديدة، فقال النبي ( ﷺ ) :' قتلته وهو يقول : لا إله إلا الله ؟ '، قال : إنما
قال ذلك أراد أن يحرز نفسه وغنمه، فقال النبي ( ﷺ ) :' أفلا شققت عن قلبه، فتنظر
صدق أم لا '، قال : يا رسول الله، كيف يتبين لي ؟ وإنما قلبه بضعة من جسده، فقال :
' فلا صدقته بلسانه، ولا أنت شققت عن قلبه فيبين لك '، فقال : استغفر لي يا رسول
الله، قال :' فكيف لك بلا إله إلا الله '، يقول ذلك ثلاث مرات، فاستغفر له النبي ( ﷺ )
الرابعة.
قال أسامة في نفسه : وددت أني لم أسلم حتى كان يومئذ، فأمره النبي ( ﷺ ) أن يعتق
رقبة. قال مقاتل، رحمه الله : فعاش أسامة زمن أبي بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله
عنهم، حتى أدرك على بن أبي طالب، رضي الله عنه، فدعاه على، رحمه الله، إلى القتال،
فقال أسامة : ما أحد أعز على منك، ولكن لا أقاتل مسلما بعد قول النبي ( ﷺ ) :' كيف
لك بلا إله إلا الله ؟ '.
فإن أتيت بسيف إذا ضربت به مسلما، قال السيف : هذا مسلم، وإن ضربت به
كافرا، قال لي : هذا كافر، قاتلت معك، فقال له علي : اذهب حيث شئت، فأنزل الله
عز وجل :( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله (، يعني سرتم غزاة في سبيل
الله، ) فتبينوا ( من تقتلوا، ) ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام (، يعني مرداس،
وذلك أنه قال لهم : السلام عليكم إني مؤمن، ) لست مؤمناً تبتغون عرض الحيوة
الدنيا (، يعني غنم مرداس، ) فعند الله مغانم كثيرة ( في الآخرة والجنة،
)( كذلك (، يعني هكذا، ) كنتم من قبل ( الهجرة بمنزلة مرداس تأمنون في
قومكم بالتوحيد من أصحاب النبي ( ﷺ ) إذا لقوكم، فلا تخيفون أحدا بأمر كان فيكم
تأمنون بمثله قبل هجرتكم، ) فمن الله عليكم ( بالهجرة فهاجرتم، ) فتبينوا (
إذا خرجتم فلا تقتلوا مسلما، ) إن الله كان بما تعملون خبيرا ) [ آية : ٩٤ ]،
فقال أسامة : والله لا أقتل رجلا بعد هذا يقول : لا إله إلا الله.
تفسير سورة النساء آية ٩٥