صفحة رقم ٢٥٢
ثم إنهم أقاموا عن الهجرة، وخرجوا مع المشركين إلى قتال بدر، فلما رأوا قلة
المؤمنين شكوا في النبي ( ﷺ )، وقالوا : غر هؤلاء دينهم، وكان بعضهم نافق بمكة، فلما
قتل هؤلاء ببدر ) قالوا (، أي قالت الملائكة لهم، وهو ملك الموت وحده :( فيم كنتم ( ؟ يقول : في أي شيء كنتم، ) قالوا كنا مستضعفين في الأرض (، يعني كنا مقهورين
بأرض مكة لا نطيق أن نظهر الإيمان، ) قالوا (، أي قالت الملائكة لهم، ) ألم تكن أرض الله واسعة ( من الضيق، يعني أرض الله المدينة، ) فتهاجروا فيها (، يعني إليها، ثم انقطع
الكلام، فقال عز وجل :( فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) [ آية : ٩٧ ]، يعني وبئس
المصير صاروا.
النساء :( ٩٨ ) إلا المستضعفين من.....
ثم استثنى أهل العذر، فقال سبحانه :( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان (، فليس مأواهم جهنم، ) لا يستطيعون حيلة (، يقول : ليس لهم سعة للخروج
إلى المدينة، ) ولا يهتدون سبيلا ) [ آية : ٩٨ ]، يعني ولا يعرفون طريقا إلى المدينة،
النساء :( ٩٩ ) فأولئك عسى الله.....
) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم (، والعسى من الله واجب، ) وكان الله عفوا ( عنهم
) غفورا ) [ آية : ٩٩ ]، فلا يعاقبهم لإقامتهم عن الهجرة في عذر.
النساء :( ١٠٠ ) ومن يهاجر في.....
فقال ابن عباس، رضي الله عنه، أنا يومئذ من الولدان، وامي من النساء، فبعث النبي
( ﷺ ) بهذه الآية إلى مسلمي مكة، فقال جندب بن حمزة الليثي، ثم الجندعي لبنيه :
احملوني فإني لست من المستضعفين، وإني لهاد بالطريق ولو مت لنزلت في الآية، وكان
شيخا كبيرا، فحمله بنوه على سريره متوجها إلى المدينة، فمات بالتنعيم، فبلغ أصحاب
النبي ( ﷺ ) موته، فقالوا : لو لحق بنا لأتم الله أجره، فأراد الله عز وجل أن يعلمهم أنه لا
يخيب من التمس رضاه، فأنزل الله عز وجل :( ومن يهاجر في سبيل الله (، يعني في
طاعة الله إلى المدينة، ) يجد في الأرض مراغما كثيرا (، يعني متحولا عن الكفر، ) وسعه (
في الرزق ) ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ) [ آية : ١٠٠ ].
تفسير سورة النساء آية ١٠١
النساء :( ١٠١ ) وإذا ضربتم في.....
ثم قال سبحانه :( وإذا ضربتم (، يعني سرتم ) في الأرض (، يعني غزوة بني أنمار
ببطن مكة، ) فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا (،


الصفحة التالية
Icon