صفحة رقم ٢٧٨
دخول البيت الحرام أن تطوفوا به عام الحديبية، ) أن تعتدوا (، يعني أن ترتكبوا
معاصيه، فتستحلوا أخذ الهدى والقلائد والقتل في الشهر الحرام من حجاج بكر بن
وائل من أهل اليمامة، نزلت في الخطيم، واسمه شريح بن ضبيعة بن شرحبيل بن عمر بن
جرثوم البكري، ومن بني قيس بن ثعلبة، وفي حجاج المشركين، وذلك أن شريح بن
ضبيعة جاء إلى النبي ( ﷺ )، فقال : يا محمد، اعرض علي دينك، فعرض عليه وأخبره بما له
وبما عليه، فقال له شريح : إن في دينك هذا غلظا، فأرجع إلى قومي فأعرض عليهم ما
قلت، فإن قبلوه كنت معهم، وإن لم يقبلوه كنت معهم.
فخرج من عند النبي ( ﷺ )، فقال النبي ( ﷺ ) :' لقد دخل بقلب كافر، وخرج بوجه
غادر، وما أرى الرجل بمسلم '، ثم مر على مسرح المدينة فاستاقها، فطلبوه فسبقهم إلى
المدينة، وأنشأ يقول :
قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزار على ظهر وضم
خدلج الساق ولا رعش القدم
قال أبو محمد عبد الله بن ثابت : سمعت أبي يقول : قال أبو صالح : قتله رجل من قومه
على الكفر، وقدم الرجل الذي قتله مسلما، فلما سار رسول الله ( ﷺ ) معتمرا عام
الحديبية في العام الذي صده المشركون، جاء شريح إلى مكة معتمرا، معه تجارة عظيمة
في حجاج بكر بن وائل، فلما سمع أصحاب رسول الله ( ﷺ ) بقدوم شريح وأصحابه،
وعرفوا بنبئهم، فأراد أهل السرح أن يغيروا عليه كما أغار عليهم من قبل شريح
وأصحابه، فقالوا : نستأمر النبي ( ﷺ )، فاستأمروه، فنزلت الآية :( يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله (، يعني أمر المناسك.
ولا تستحلوا في الشهر الحرام أخذ الهدى ولا القلائد، يقول : ولا تخيفوا من قلد
بعيره، ولا تستحلوا القتل آمين البيت الحرام، يعني متوجهين قبل البيت الحرام من
حجاج المشركين، يعني شريح بن ضبيعة وأصحابه يبتغون بتجاراتهم فصلا من الله،
يعني الرزق والتجارة ورضوانه بحجهم، فنهى الله عز وجل نبيه ( ﷺ ) عن قتالهم، ثم لم
يرض منهم حتى يسلموا، فنسخت هذه الآية آية السيف، فقال عز وجل :( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : ٥ ]، ثم قال تعالى :( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) [ آية : ٢ ].


الصفحة التالية
Icon