صفحة رقم ٢٨٣
يؤمروا بمسح الرأس في التيمم، ) ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج (، يعني
ضيق في أمر دينكم، إذ رخص لكم في التيمم، ) ولكن يريد ليطهركم ( في أمر
دينكم من الأحداث والجنابة، ) وليتم نعمته عليكم (، يعني إذ رخص لكم في
التيمم في السفر، والجراح في الحضر، ) لعلكم تشكرون ) [ آية : ٦ ] رب هذه
النعم فتوحدونه، فلما نزلت الرخصة، قال أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، لعائشة،
رضوان الله عليها : والله ما علمتك إلا مباركة.
المائدة :( ٧ ) واذكروا نعمة الله.....
قوله سبحانه :( واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به (، يعني
بالإسلام يوم أخذ ميثاقكم على المعرفة بالله عز وجل والربوبية، ) إذ قلتم سمعنا وأطعنا (، ذلك أن الله عز وجل أخذ الميثاق الأول على العباد حين خلقهم من صلب
آدم، عليه السلام، فذلك قوله عز وجل :( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) [ الأعراف : ١٧٢ ]
على أنفسنا، فمن بلغ منهم العمل، وأقر لله عز وجل بالإيمان به، وبآياته، وكتبه،
ورسله، والكتاب، والملائكة، والجنة، والنار، والحلال، والحرام، والأمر، والنهى أن
يعمل بما أمر، وينتهي عما نهى، فإذا أوفى لله تعالى بهذا، أوفى الله له بالجنة..
فهذان ميثاقان، ميثاق بالإيمان بالله، وميثاق بالعمل، فذلك قوله سبحانه في البقرة :
( سمعنا وأطعنا ) [ البقرة : ٢٨٥ ]، سمعنا بالقرآن الذي جاء من عند الله، وأطعنا الله
عز وجل فيه، وذلك قوله سبحانه في التغابن :( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) [ التغابن : ١٦ ]، يقول : اسمعوا القرآن الذي جاء به محمد ( ﷺ ) من عند الله عز
وجل، وأطيعوا الله فيما أمركم، فمن بلغ الحلم والعمل ولم يؤمن بالله عز وجل ولا
بالرسول والكتاب، فقد نقض الميثاق الأول بالإيمان بالله عز وجل، وبما أخذ الله تعالى
عليه حين خلقه وصار من الكافرين، ومن أخذ الله عز وجل عليه الميثاق الأول، ولم يبلغ
الحلم، فإن الله عز وجل أعلم به.
قال : وسئل عبد الله بن عباس عن أطفال المشركين، فقال : لقد أخذ الله عز وجل
الميثاق الأول عليهم، فلم يدركوا أجلا، ولم يأخذوا رزقا، ولم يعملوا سيئة، ) ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الإسراء : ١٥ ]، وماتوا على الميثاق الأول، فالله أعلم بهم.
) واتقوا الله (، ولا تنقضوا ذلك الميثاق، ) إن الله عليم بذات الصدور ) [ آية : ٧ ]،