صفحة رقم ٢٩٣
فراسخ عرض في اثنى عشر فرسخا طول، فقال القوم لموسى، عليه السلام، ما صنعت
بنا، دعوت علينا حتى بقينا في التيه ؟ وندم موسى، عليه السلام، على ما دعا عليهم،
وشق عليه حين تاهوا، فأوحى الله عز وجل إليه :( فلا تأس على القوم الفاسقين (
[ آية : ٢٦ ]، يعني لا تحزن على قوم أنت سميتهم فاسقين أن تاهوا.
ثم مات هارون، عليه السلام، في التيه، ومات موسى من بعده بستة أشهر، فماتا
جميعا في التيه، ثم إن الله عز وجل أخرج ذرياتهم بعد أربعين سنة وقد هلكت الأمة
العصاة كلها، وخرجوا مع يوشع بن نون ابن أخت موسى، وكالب بن يوقنا بعد وفاة
موسى، عليه السلام، بشهرين، فأتوا أريحا، فقاتلوا أهلها ففتحوها، وقتلوا مقاتلهم،
وسبوا ذراريهم، وقتلوا ثلاثة من الجبارين، وكان قاتلهم يوشع بن نون، فغابت الشمس،
فدعا يوشع بن نون، فرد الله عز وجل عليه الشمس، فأطلعت ثانية، وغابت الشمس
الثانية، ودار الفلك فاختلط على الحساب حسابهم منذ يومئذ فيما بلغنا، ومات في التيه،
كل ابن عشرين سنة فصاعدا، وموضع التيه بين فلسطين وإيلة ومصر، فتاه القوم
بعصيانهم ربهم عز وجل، وخلافهم على نبيهم، مع دعاء بلعام بن باعور بن ماث
عليهم فيما بين ستة فراسخ إلى اثنى عشر فرسخا، لا يستطيعون الخروج منها أربعين
سنة، ومات هارون حين أتم ثمانية وثمانين سنة، وتوفي موسى بعده بستة أشهر،
واستخلف عليهم يوشع بن نون، وحين ماتوا كلهم أخرج ذراريهم يوشع بن نون،
وكالب بن يوقنا.
تفسير سورة المائدة آية [ ٢٧ - ٣٢ ]