صفحة رقم ٣٠٠
فقالوا : هؤلاء علماؤنا، ثم حصر أمرهم، إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا : هذا أعلم من
بقى بالتوراة، فجاء به رسول الله ( ﷺ ).
وكان ابن صوريا غلاما شابا، ومع رسول الله ( ﷺ ) عبد الله بن سلام، فقال رسول
الله ( ﷺ ) :' أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو هو إله بني إسرائيل، الذي إخرجكم من مصر،
وفلق لكم البحر، وأنجاكم وأغرق آل فرعون، وأنزل عليكم كتابه يبين لكم حلاله
وحرامه، وظلل عليكم المن والسلوى، هل وجدتم في كتابكم أن الرجم على من
أحصن ؟ '، قال ابن صوريا : اللهم نعم، ولولا أني خفت أن أحترق بالنار، أو أهلك
بالعذاب، لكتمتك حين سألتني، ولم أعترف لك، قال رسول الله ( ﷺ ) :' الله أكبر، فأنا
أول من أحيا سنة من سنن الله عز وجل '، ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده في بنى
غنم بن مالك بن النجار.
فقال عبد الله بن صوريا : والله يا محمد، أن اليهود لتعلم أنك نبي حق، ولكنهم
يحسدونك، ثم كفر أبن صوريا بعد ذلك، فأنزل الله عزوجل :( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب (، يعني مما في التوراة
من أمر الرجم، ونعت محمد ( ﷺ )، ثم قال :( ويعفو عن كثير (، فلا يخبر به، فقال
النبي ( ﷺ ) لليهود :' إن شئتم أخبرتكم بالكثير '، قال ابن صوريا : أنشدك بالله أن تخبرنا
بالكثير مما أمرت أن تعفو عنه.
ثم قال ابن صوريا للنبي ( ﷺ ) : أخبرني عن ثلاث خصال لا يعلمهن إلا نبي، فقال
رسول الله ( ﷺ ) :' هات، سل عما شئت '، قال : أخبرني عن نومك ؟ قال :' تنام عيني
وقلبي يقظان '، قال ابن صوريا : صدقت، قال : فأخبرني عن شبه الولد، من أين يشبه
الأب أو الأم ؟ قال :' أيهما سبقت الشهوة له كان الشبه له '، قال : صدقت، قال :
أخبرني ما للرجل وما للمرأة من الولد، ومن أيهما يكون ؟ قال النبي ( ﷺ ) :' اللحم
والدم والظفر والشعر للمرأة، والعظم والعصب والعروق للرجل '، قال : صدقت، قال :
فمن وزيرك من الملائكة، ومن يجيئك بالوحي ؟ قال :' جبريل، عليه السلام '، قال :
صدقت يا محمد، وأسلم عند ذلك.
قوله سبحانه :( إن أوتيتم هذا فخذوه (، يقول ذلك يهود خيبر ليهود المدينة،
كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف، وكعب بن أسيد، وأبي لبابة : إن أمركم محمد


الصفحة التالية
Icon