صفحة رقم ٣٣٠
المائدة :( ١٠٩ ) يوم يجمع الله.....
قوله سبحانه :( يوم يجمع الله الرسول (، يعني الأنبياء، عليهم السلام، ) فيقول ماذا أجبتم ( في التوحيد، ) قالوا لا علم لنا (، وذلك أول ما بعثوا عند زفرة جهنم ؛
لأن الناس إذا خرجوا من قبورهم تاهت عقولهم، فجالوا في الدنيا ثلاثين سنة، ويقال :
أربعين سنة، ثم ينادي مناد عند صخرة بيت المقدس : يا أهل الدنيا، ها هنا موضع
الحساب، فيسمع النداء جميع الناس، فيقبلون نحو الصوت، فإذا اجتمعوا ببيت المقدس،
زفرت جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا ظن أنه لو جاء بعمل سبعين
نبيا ما نجا، فعند ذلك تاهت عقولهم، فيقول لهم عند ذلك، يعني المرسلين :( ماذا أجبتم ( في التوحيد، ) قالوا لا علم لنا ( ) إنك أنت علام الغيوب ) [ آية : ١٠٩ ]،
ثم رجعت عقولهم بعد ذلك إليهم فشهدوا على قومهم أنهم قد بلغوا الرسالة عن
ربهم، فذلك قوله سبحانه :( ويقول الأشهاد (، يعني الأنبياء ) هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ) [ هود :] ١٨ ].
المائدة :( ١١٠ ) إذ قال الله.....
قوله سبحانه :( إذ قال الله ياعيسى ابن مريم ( في الآخرة، ) اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك (، يعني مريم، عليهما السلام، ) إذ أيدتك بروح القدس (، فالنعمة
على عيسى حين أيده بروح القدس، يعني جبريل، عليه السلام، ) تكلم الناس في المهد ( صبيا ) و ( تكلمهم ) وكهلا وإذ علمتك الكتاب (، يعني خط
الكتاب بيده، ) والحكمة (، يعني الفهم والعلم، ) والتوراة والإنجيل (، يعني علم
التوراة والإنجيل، وجعله نبيا ورسولا إلى بني إسرائيل، ) وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير (، يعني الخفاش، ) بإذني فتنفخ فيها (، يعني في الهيئة، ) فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه (، يعني الأعمى الذي يخرج من بطن أمه أعمى، ) و ( يبرئ
) والأبرص (، يمسحها بيده فيبرئها ) بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني ( أحياء، ) وإذ كففت بني إسرائيل عنك (، أي عن قتلك، ) إذ جئتهم بالبينات (، وهي أحياء
سام بن نوح بإذن الله.
فيقوم عيسى ( ﷺ ) يوم القيامة بهؤلاء الكلمات خطيبا على رءوس الخلائق، ويخطب
إبليس، لعنه الله، على اهل النار بهذه الآية :( إن الله وعدكم ( إلى قوله :
( بمصرخكم (، يعني بمانعكم من العذاب، ) وما أنتم بمصرخي (، يعني بمانعي
من العذاب، ) إني كفرت (، يعني تبرأت ) بما أشركتمون من قبل ) [ إبراهيم :
٢٢ ]، أي في الدار الدنيا، وأما النعمة على مريم، عليها السلام، فهي أنه اصطفاها،


الصفحة التالية
Icon