صفحة رقم ٣٣٣
نفسي (، يعني ما كان مني وما يكون، ) ولا اعلم ما في نفسك (، يقول : ولا أطلع
على غيبك، وقال أيضا، ولا أعلم ما في علمك، ما كان منك وما يكون، ) إنك أنت
علام الغيوب (، [ آية : ١١٦ ]، يعني غيب ما كان وغيب ما يكون.
المائدة :( ١١٧ ) ما قلت لهم.....
) ما قلت لهم ( وأنت تعلم، ) إلا ما أمرتني به ) ) في الدنيا ( ( أن اعبدوا الله (،
يعني وحدوا الله، ) ربي وربكم (، قال لهم عيسى ( ﷺ ) ذلك في هذه السورة، وفي
كهيعص، وفي الزخرف، ) وكنت عليهم شهيدا (، يعني على بني إسرائيل بأن قد بلغتهم
الرسالة، ) ما دمت فيهم (، يقول : ما كنت بين أظهرهم، ) فلما توفيتني (، يقول : فلما
بلغ بي أجل الموت فمت، ) كنت أنت الرقيب عليهم (، يعني الحفيظ، ) وأنت على كل
شيء شهيد ) [ آية : ١١٧ ]، يعني شاهدا بما أمرتهم من التوحيد، وشهيد عليهم بما قالوا
من البهتان، وإنما قال الله عز وجل :( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم (، ولم يقل : وإذ
يقول : يا عيسى ابن مريم ؛ لأنه قال سبحانه قبل ذكر عيسى يوم يجمع الله الرسل،
فيقول : ماذا أجبتم ؟ قالوا : يومئذ، وهو يوم القيامة، حين يفرغ من مخاصمة الرسل،
فينادى : أين عيسى ابن مريم، فيقوم عيسى ( ﷺ ) شفق، فرق، يرعد رعدة حتى يقف بين
يدي الله عز وجل، يا عيسى :( ءأنت قلت للناس أتخذوني وأمي إلهين من دون الله (.
وكما قال سبحانه :( ونودوا أن تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون (
[ الأعراف : ٤٣ ]، فلما دخلوا الجنة، قال :( ونادى أصحاب النار ) [ الأعراف :
٥٠ ]، فنسق بالماضي على الماضي، والمعنى مستقبل، ولو لم يذكر الجنة قبل بدئهم
بالكلام الأول لقال في الكلام الأول :( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار (
[ الأعراف : ٤٤ ]، وكل شيء في القرآن على هذا النحو.
المائدة :( ١١٨ ) إن تعذبهم فإنهم.....
ثم قال عيسى ( ﷺ ) لربه عز وجل في الآخرة : يا رب، غبت عنهم وتركتهم على
الحق الذي أمرتني به، فلم أدر ما أحدثوا بعدى، ف ) إن تعذبهم ( فتميتهم على ما قالوا
من البهتان والكفر، ) فإنهم عبادك (، وأنت خلقتهم، ) وإن تغفر لهم (، فتتوب
عليهم وتهديهم إلى الإيمان والمغفرة بعد الهداية إلى الإيمان، ) فإنك أنت العزيز الحكيم (
[ آية : ١١٨ ] في ملكك، الحكيم في أمرك، وفي قراءة ابن مسعود :' فإنك أنت الغفور
الرحيم '، نظيرها في سورة إبراهيم، عليه السلام، في مخاطبة إبراهيم :( ومن عصاني
فإنك غفور رحيم ) [ إبراهيم : ٣٦ ]، وهي كذلك أيضا في قراءة عبد الله بن مسعود.