صفحة رقم ١٧١
بعضه إلى بعض، ويسوقه بتسبيحه إلى الأرض التى أمر الله تعالى أن تمطر فيها، ثم قال :
( و ( تسبح ) والملئكة ( بزجرته ) من خيفته (، يعنى من مخافة الله تعالى، فميز
بين الملائكة وبين الرعد، وهما سواء كما ميز بين جبريل وميكائيل في البقرة، وكما
ميز بين الفاكهة، وبين النخل والرمان وهما سواء.
ثم قال :( ويرسل الصوعق (، هذا أنزل في أمر عامر، والأربد بن قيس، حين أراد
قتل النبي ( ﷺ )، وذلك أن عامر بن الطفيل العامرى دخل على رسول الله ( ﷺ )، فقال :
أسلم على أن لك المدر ولى الوبر ؟ فقال له النبي ( ﷺ ) :' إنما أنت امرؤ من المسلمين، لك
ما لهم، وعليك ما عليهم '، قال : فلك الوبر ولى المدر، فقال له النبي ( ﷺ ) مثل ذلك، قال :
فلى الأمرين من بعدك، قال له النبي ( ﷺ ) مثل قوله الأول :' لك ما لهم، وعليك ما
عليهم '، فغضب عامر، فقال : لأملانها عليك خيلاً، ورجالاً، ألف أشقر، عليها ألف
أمرد.
ثم خرج مغضباً، فلقى ابن عمه أربد بن قيس العامرى، فقال عامر لأربد : ادخل بنا
على محمد، فألهيه في الكلام، وأنا أقتله، وإن شئت ألهيته بالكلام وقتلته أنت، قال أربد :
ألهه أنت وأنا أقتله، فدخلا على النبي ( ﷺ )، فأقبل عامر إلى النبي ( ﷺ ) يحدثه وهو ينظر إلى
أربد متى يحمل عليه فيقتله، ثم طال مجلسه، فقام عامر وأربد فخرجا، فقال عامر لأربد :
ما منعك من قتله ؟ قال : كلما أرادت قتله وجدتك تحول بيني وبينه، وأتى جبريل النبي
( ﷺ )، فأخبره بما أرادا، فدعا النبي ( ﷺ ) عليهما، فقال :' الهم اكفني عامراً وأربدا، واهد
بني عامر '، فأما أربد، فأصابته صاعقة فمات، فذلك قوله تعالى :( ويرسل الصواعق (
) فيصيب بها من يشآء (، يعني أربد بن قيس، ) وهم يجدلون في الله (، يعني
يخاصمون في الله.
وذلك أن عامراً قال للنبي ( ﷺ ) : أخبرني عن ربك، أهو من ذهب، أو من فضة، أو من
نحاس، أو من حديد، أو ما هو ؟ فهذا القول خصومته، فأنزل الله تعالى :( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) [ سورة الإخلاص ]، يقول :
ليس هو من نحاس ولا من غيره، وسلط الله عليه الطاعون في بيت امرأة من بني سلول،
فجعل يقول : عامر قتيل بغير سلاح، غدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية، أبرز يا
ملك الموت حتى أقاتلك : فذلك قوله :( وهو شديد المحال ) [ آية : ١٣ ]، يعنى الرب