صفحة رقم ٢٣٥
النحل :( ٩٠ ) إن الله يأمر.....
) إن الله يأمر بالعدل ( بالتوحيد، ) والإحسن (، يعنى العفو عن الناس،
)( وإيتآئ (، يعنى وإعطاء، ) ذي القربى ( المال، يعنى صلة قرابة الرجل، كقوله :
( وآت ذا القربى حقه ) [ الإسراء : ٢٦ ]، يعنى صلته، ثم قال سبحانه :( وينهى عن الفحشاء (، يعنى المعاصي، ) والمنكر (، يعنى الشرك وما لا يعرف من القول،
)( والبغي (، يعنى ظلم الناس، ) يعظكم (، يعنى يؤدبكم، ) لعلكم تذكرون ) [ آية : ٩٠ ]، يعنى لكي تذكروا فتتأدبوا.
لما نزلت هذه الآية بمكة، قال أبو طالب بن عبد المطلب : يا آل غالب، اتبعوا محمداً
( ﷺ ) تفلحوا وترشدوا، والله إن ابن أخي ليأمر بمكارمٍ الأخلاق، وبالأمر الحسن، ولا يأمر
إلا بحسن الأخلاق، والله لئن كان محمد ( ﷺ ) صادقاً أو كاذباً، ما يدعوكم إلا إلى الخير،
فبلغ ذلك الوليد بن المغيرة، فقال : إن كان محمد ( ﷺ ) قاله، فنعم ما قال، وإن إلهه قاله،
فنعم ما قال، فأتنا بلسانه، ولم يصدق محمداً ( ﷺ ) بما جاء به ولم يتبعه، فنزلت :( أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا ( بلسانه ) وأكدى ) [ النجم : ٣٣، ٣٤ ]، يعنى وقطع
ذلك.
النحل :( ٩١ ) وأوفوا بعهد الله.....
ثم قال عز وجل :( وأَفواْ بعهد الله إِذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد
توكيدها (، يقول : لا تنقضوا الأيمان بعد تشديدها وتغليظها، ) وقد جعلتم الله عليكم كفيلا (، يعنى شهيداً في وفاء العهد، ) إن الله يعلم ما تفعلون ) [ آية :
٩١ ] في الوفاء والنقض.
النحل :( ٩٢ ) ولا تكونوا كالتي.....
ثم ضرب مثلاً لمن ينقض العهد، فقال سبحانه :( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها (، يعنى امرأة من قريش حمقاء مصاحبة أسلمت بمكة تسمى ريطة بنت عمرو بن
كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وسميت جعرانة لحماقتها، وكانت إذا غزلت الشعر أو
الكتان نقضته، قال الله عز وجل : لا تنقضوا العهود بعد توكيدها، كما نقضت المرأة
الحمقاء غزلها، ) من بعد قوة (، من بعد ما أبرمته، ) أَنكثاً (، يعنى نقضاً، فلا هي
تركت الغزل فينتفع به، ولا هي كفت عن العمل، فذلك الذي يعطى العهد، ثم ينقضه،
لا هو حين أعطى العهد وفى به، ولا هو ترك العهد فلم يعطه، ) من بعد قوة (، يعنى


الصفحة التالية
Icon