صفحة رقم ٢٥٠
تذلوا، وذلك بمعصيتهم الله عز وجل.
فذلك قوله تعالى :
الإسراء :( ٨ ) عسى ربكم أن.....
) فإذا جاء وعدُ أُولهما (، يعنى وقت أول الهلاكين، ) بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد (، بختنصر المجوسي ملك بابل وأصحابه، ) فجاسوا خلال الديار (، يعنى فقتل الناس في الأزقة، وسبي ذراريهم، وخرب بيت المقدس،
وألقى فيه الجيف، وحرق التوراة، ورجع بالسبي إلى بابل، فذلك قوله سبحانه :( وكان وعدا مفعولا ) [ آية : ٥ ]، يعنى وعداً كائناً لا بد منه، فكانوا ببابل سبعين سنة.
الإسراء :( ٩ ) إن هذا القرآن.....
ثم إن الله عز وجل استنقذهم على يد كروس بن مزدك الفارس، فردهم إلى بيت
المقدس، فذلك قوله عز وجل :( ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين (، حتى كثروا، فذلك قوله عز وجل :( وجعلناكم أكثر نفيرا ) [ آية : ٦ ]،
يعنى أكثر رجالاً منكم قبل ذلك، فكانوا بها مائتي سنة وعشر سنين، فيهم أنبياء.
الإسراء :( ٧ ) إن أحسنتم أحسنتم.....
ثم قال سبحانه :( إن أحسنتم ( العمل لله بعد هذه المرة، ) أحسنتم لأنفسكم (،
فلا تهلكوا، ) وإن أسأتم فلها (، يعنى وإن عصيتم فعلى أنفسكم، فعادوا إلى المعاصي
الثانية، فسلط الله عليهم أيضاً انطباخوس بن سيس الرومي ملك أرض نينوي، فذلك
قوله عز وجل ) فإذا جاء وعد الآخرة (، يعنى وقت آخر الهلاكين، ) لِيسوئوا
وجوهكم (، يعنى ليقبح وجوهكم، فقتلهم وسبي ذراريهم، وخرب بيت المقدس،
وألقى فيه الجيف، وقتل علماءهم، وحرق التوراة، فذلك قوله عز وجل :( وليدخلواْ
المسجد ليدخلوا المسجدِ (، يعنى بيت المقدس، انطياخوس بن سيس ومن معه بيت
المقدس، ) كما دخلوه أول مرة (، يقول : كما دخله بختنصر المجوسي وأصحابه قبل
ذلك، قال سبحانه :( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) [ آية : ٧ ]، يقول عز وجل : وليدمروا ما
علوا، يقول : ما ظهروا عليه تدميراً، كقوله سبحانه في الفرقان :( وكلا تبرنا تتبيرا (
[ الفرقان : ٣٩ ]، يعنى وكلا دمرنا تدميراً.
الإسراء :( ٨ ) عسى ربكم أن.....
ثم قال :( عسى ربكم أن يرحمكم (، فلا يسلط عليكم القتل والسبي، ثم إن الله عز


الصفحة التالية
Icon