صفحة رقم ٢٧٧
ودعا الرحمن في صلاته، فقال أبو جهل بن هشام : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم
يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين اثنين، أولستم تعلمون أن الله اسم، والرحمن
اسم، قالوا : بلى، فأنزل الله تبارك وتعالى :( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن (.
فدعا النبي ( ﷺ ) الرجل، فقال :' يا فُلان، ادع الله، أو ادع الرحمن، ورغم لآناف
المشركين '، ) أيا ما تدعوا (، يقول : فأيهما تدعو، ) فله الأسماء الحسنى (، يعنى
الأسماء الحسنى التي في آخر الحشر، وسائر ما في القرآن، ) ولا تجهر بصلاتك (، وذلك
أن النبي ( ﷺ ) كان بمكة يصلي إلى جانب دار أبي سفيان عند الصفا، فجهر بالقرآن في
صلاة الغداة، فقال أبو جهل : لم تفتري على الله، فإذا سمع ذلك منه خفض صوته، فلا
يسمع أصحابه القرآن، فقال أبو جهل : ألم تروا يا معشر قريش ما فعلت بابن أبي كبشة
حتى خفض صوته، فأنزل الله تعالى ذكره :( ولا تجهر بصلاتك (، يعنى بقراءتك في
صلاتك، فيسمع المشركين فيوءذوك، ) ولا تخافت بها (، يقول : ولا تسر بها، يعنى
بالقرآن، فلا يسمع أصحابك، ) واتبع بَينَ ذلك سَبيلاً ) [ آية : ١١٠ ]، يعنى مسلكاً،
يعنى بين الخفض والرفع.
الإسراء :( ١١١ ) وقل الحمد لله.....
) وقل الحمد لله (، وذلكَ أن اليهود قالوا : عزير ابن الله، وقالت النصارى : المسيح
ابن الله، وقالت العرب : إن الله عز وجل شريكاً من الملائكة، فأكذبهم الله عز وجل فيها،
فنزه نفسه تبارك وتعالى مما قالوا، فأنزل الله جل جلاله :( وقل الحمد لله (، الذي علمك
هذه الآية، ) الذي لم يتخذ ولدا (، عزيراً وعيسى، ) ولم يكن له شريك ( من الملائكة،
)( في الملك ولم يكن له ولي (، يعنى صاحباً ينتصر به، ) من الذل (، كما يلتمس الناس
النصر، إن فاجأهم أمر يكرهونه، ) وكبره تكبيرا ) [ آية : ١١١ ]، يقول : وعظمه يا محمد
تعظيماً، فإنه من قال : إن لله عز وجل ولداً، أو شريكاً، لم يعظمه، يقول : نزهه عن هذه
الخصال التي قالت النصارى، واليهود، والعرب.