صفحة رقم ٥١٢
العنكبوت :( ٨ ) ووصينا الإنسان بوالديه.....
ثم قال الله عز وجل :( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ( نزلت في سعد بن أبي وقاص
الزهري، رضي الله عنه، وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
) وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم ( بأن معي شريكاً ) فلا تطعهما ( في
الشرك ) إلي مرجعكم ( في الآخرة ) فأنبئكم بما كنتم تعملون ) [ آية : ٨ ] يعنى
سعداً، رضي الله عنه، وذلك أنه حين أسلم حلفت أمه لا تأكل طعاماً، ولا تشرب
شراباً، ولا تدخل [ كنا ]، حتى يرجع سعد عن الإسلام، فجعل سعد يترضاها، فأبت
عليه، وكان بها باراً فأتى سعد، رضي الله عنه، النبي ( ﷺ )، فشكى إليه فنزلت في سعد
رضي الله عنه، هذه الآية، فأمر النبي ( ﷺ ) أن يترضاها ويجهد بها على أن تأكل وتشرب،
فأبت حتى يئس منها، وكان أحب ولدها إليها.
العنكبوت :( ٩ ) والذين آمنوا وعملوا.....
) والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحينَ ) [ آية : ٩ ]
العنكبوت :( ١٠ ) ومن الناس من.....
) ومن الناس من
يقولُ ءامنا بالله فإذا أُوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ( نزلت في عياش بن أبي
ربيعة بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم القرشي، وذلك أن عياشاً أسلم، فخاف أهل بيته،
فهرب إلى المدينة بدينه قبل أن يهاجر النبي ( ﷺ ) إليها، فحلفت أمه أسماء بنت مخرمة بن
أبي جندل بن نهشل التميمي ألا تأكل ولا تشرب، ولا تغسل رأسها، ولا تدخل كناً
حتى يرجع إليها، فصبرت ثلاثة أيام، ثم أكلت وشربت، فركب أبو جهل عدو الله
والحارث ابنا هشام، وهما أخواه لأمه، وهما بنو عم حتى أتيا المدينة، فلقياه، فقال أبو
جهل لأخيه عياش : قد علمت أنك كنت أحب إلى أمك من جميع ولدها، وآثر عندها.
لأنه كان أصغرهم سناً، وكان بها باراً، وقد حلفت أمك ألا تأكل، ولا تشرب، ولا
تغسل رأسها، ولا تدخل بيتاً، حتى ترجع إليها، وأنت تزعم أن في دينك بر الوالدين،
فارجع إليها، فإن ربك الذي بالمدينة هو بمكة فاعبدوه بها، فأخذ عياش عليهم المواثيق ألا
يحركاه، فاتبعهما، فأوثقاه، ثم جلده كل واحد منهما مائة جلدة حتى يبرأ من دين محمد
( ﷺ )، فأنزل الله عز وجل في عياش :( ومن الناس من يقول ءامنا بالله ( يعنى صدقنا
بتوحيد الله، ) فإذا أوذي في الله ( يعنى ضربهما إياه ) جعل فتنة الناس ( يقول : جعل
عذاب الناس في الدنيا كعذاب الله في الآخرة، كقوله عز وجل :( يوم هم على النار يفتنون ) [ الذاريات : ١٣ ]، يعنى يعذبون.