صفحة رقم ٢٤٥
هذه الآية، قوله :( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) [ الأحقاف : ٩ ] فأخبر الله تعالى
نبيه ( ﷺ ) بما يفعل به، فنزلت هذه الآية على النبي ( ﷺ )، فلما سمع عبد الله بن أبي رأس
المنافقين بنزول هذه الآية على النبي ( ﷺ )، وأن الله قد غفر له ذنبه، وأنه يفتح له على
عدوه، ويهديه صراطاً مستقيماً، وينصره نصراً عزيزاً، قال لأصحابه :
يزعم محمد أن الله
قد غفر له ذنبه، وينصره على عدوه، هيهات هيهات لقد بقي له من العدو أكثر وأكثر
فأين فارس والروم، وهم أكثر عدواً وأشد بأساً وأعز عزيزاً ؟ ولن يظهر عليهم محمد،
أيظن محمد أنهم مثل هذه العصابة التي قد نزل بين أظهرهم، وقد غلبهم بكذبه وأباطليه،
وقد جعل لنفسه مخرجاً، ولا علم له بما يفعل به، ولا بمن تبعه، إن هذا لهو الخلاف المبين.
فخرج النبي ( ﷺ ) على أصحابه، فقال :
لقد نزلت على آية لهي أحب إلي مما بين
السماء والأرض '، فقرأ عليهم :( إن فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر الله لك ( إلى آخر
الآية، فقال أصحابه : هنيئاً مريئاً، يا رسول الله، قد علمنا الآن ما لك عند الله، وما يفعل
بك، فما لنا عند الله، وما يفعل بنا، فنزلت في سورة الأحزاب :( وبشر المؤمنين
والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ) [ الأحزاب : ٤٧ ].
تفسير سورة الفتح من الآية ( ٤ ) فقط.
الفتح :( ٤ ) هو الذي أنزل.....
) هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ( يعني الطمأنينة ) ليزدادوا ( يعني لكي
يزدادوا ) إيماناً مع إيمناهم ( يعني تصديقاً مع تصديقهم الذي أمرهم الله به في كتابه
فيقروا أن يكتبوا باسمك اللهم، ويقروا بأن يكتبوا هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله،
وذلك أنه لما نزل النبي ( ﷺ ) بالحديبية بعثت قريش منهم سهيل بن عمرو القرشي،
وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص بن الأحنف على أن يعرضوا على النبي ( ﷺ )
أن يرجع من عامه ذلك، على أن تخلى قريش له مكة من العام المقبل ثلاثة أيام، ففعل
ذلك النبي ( ﷺ ) وكتبوا بينهم وبينه كتاباً، فقال النبي ( ﷺ )، لعلي بن أبي طالب، عليه
السلام :' اكتب بيننا كتاباً : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم '، فقال سهيل بن عمرو
وأصحابه : ما نعرف هذا، ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم. فهم أصحاب النبي ( ﷺ )
ألا يقروا بذلك، فقال النبي ( ﷺ ) لعلي، عليه السلام :' اكتب ما يقولون '، فكتب باسمك
اللهم.


الصفحة التالية
Icon