صفحة رقم ٢٥٨
فوق كلام النبي ( ﷺ ) يقول : احفظوا الكلام عنده، نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس،
وشماس الأنصاري من بني الحارث بن الخزرج، وكان في أذنيه وقر، وكان إذا تكلم عند
النبي ( ﷺ ) رفع صوته.
ثم قال :( ولا تجهروا له بالقول ( وفيه نزلت هذه الآية :( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) [ النور : ٦٣ ] يقول : لا تدعوه باسمه يا محمد، ويا ابن
عبد الله ) كجهر بعضكم لبعض ( يقول : كما يدعو الرجل منكم باسمه يا فلان، ويا
ابن فلان، ولكن عظموه ووقروه وفخموه وقولوا له : يا رسول الله، ويا نبي الله، يؤدبهم
) أن تحبط أعلماكم ( يعني أن تبطل حسناتكم إن لم تحفظوا أصواتكم عند النبي ( ﷺ )
وتعظموه وتوقروه وتدعوه باسم النبوة، فإنه يحبط أعمالكم.
) وأنتم لا تشعرون ) [ آية : ٢ ] أن ذلك يحبطها، فلما نزلت هذه الآية أقام ثابت بن
قيس في منزله مهموماً حزيناً مخافة أن يكون حبط عمله، وكان بدرياً، فانطلق جاره
سعد بن عبادة الأنصاري إلى النبي ( ﷺ )، فأخبره بقول ثابت بن قيس، بأنه قد حبط
عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين، وهو في النار. فقال النبي ( ﷺ ) لسعد :' اذهب
فأخبره، أنك لم تعن بهذه الآية، ولست من أهل النار، بل أنت من أهل الجنة، وغيرك من
أهل النار، يعني عبد الله بن أبي المنافق، فاخرج إلينا ' فرجع سعد إلى ثابت فأخبره بقول
النبي ( ﷺ )، ففرح وخرج إلى النبي ( ﷺ ) فقال النبي ( ﷺ ) حين رآه :' مرحباً برجل يزعم أنه
من أهل النار، بل غيرك من أهل النار، يعني عبد الله بن أبي، وكان جاره، وأنت من أهل
الجنة '. فكان ثابت بعد ذلك إذا كان عند النبي ( ﷺ ) خفض صوته فلا يسمع من يليه.
تفسير سورة الحجرات من الآية ( ٢ ) فقط.
الحجرات :( ٣ ) إن الذين يغضون.....
فنزلت فيه بعد الآية الأولى :( إن الذين يغضون أصواتهم ( يعني يخفضون كلامهم
) عند رسول الله أؤلئك الذين امتحن الله ( يعني أخلص الله ) قلوبهم للتقوى لهم مغفرة ( لذنوبهم ) وأجر ( يعني جزاء ) عظيم ) [ آية : ٣ ] يعني : الجنة، فقال ثابت
بعد ذلك : ما يسرني أني لم أجهر بصوتي عند رسول الله ( ﷺ )، وأني لم أخفض صوتي
إذا امتحن الله قلبي للتقوى، وجعل لي مغفرة لذنوبي، وجعل لي أجراً عظيماً يعني الجنة،
فلما كان على عهد أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، غزا ثابت إلى اليمامة فرأى