صفحة رقم ٣٦٥
الله، والله لكأني لم أسلم إلا يومي هذا، قالوا : وما ذاك ؟ قال : وجدت النبي ( ﷺ ) يحدث
الناس بحديثى الذي كرت لكم، وأنا أشهد أن الله أطلعه، وأنه لصادق، فسار حتى دنا
من المدينة فتحاور رجلان أحدهم عامري، والآخر جهني، فأعان عبد الله بن أبي المنافق
الجهني، وأعان جعال بن عبد الله بن سعيد العامري، وكان جعال فقيراً، فقال عبد الله
لجعال : وإنك لهناك، فقال : وما يمنعني أن أفعل ذلك فاشتد لسان جعال على عبد الله،
فقال عبد الله : مثلى ومثلك كما قال الأول ممن كلبك يأكلك، والذي يحلف به عبد الله
لأذرتك، ولهمك غير هذا.
قال جعال : ليس بيدك، وإنما الرزق بيد الله تعالى، فرجع عبد الله غضبان ؟ فقال
لأصحابه : والله، ولو كنتم تمنعون جعالاً، وأصحاب جعال الطعام الذي من أجله ركبوا
رقابكم لأوشكوا أن يذروا محمداً ( ﷺ ) ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم، لا تنفقوا عليهم
) حتى ينفضوا ( يعني حتى يتفرقوا من حول محمد ( ﷺ )، ثم قال :
لو أن جعالاً أتى
محمداً ( ﷺ ) فأخبره لصدقه، وزعم أني ظالم، ولعمري، إني ظالم إذ جئنا بمحمد من مكة،
وقد طرده قومه فواسيناه بأنفسنا، وجعلناه على رقابنا، أما والله، لئن رجعنا إلى المدينة
ليخرجن الأعز منها الأذل، ولنجعلن علينا رجلاً منا، يعني نفسه، يعني بالأعز نفسه
وأصحابه، ويعني بالأذل النبي ( ﷺ ) وأصحابه، فقال زيد بن أرقم الأنصاري، وهو غلام
شاب : أنت والله الذليل القصير المبغض في قومك، ومحمد ( ﷺ ) في عز من الرحمن، ومودة
من المسلمين، والله لا أحبك بعد هذا الكلام أبداً.
فقال عبد الله :
إنما كنت ألعب معك، فقام زيد فأخبر النبي ( ﷺ ) فشق عليه قول عبد
الله بن أبي، وفشا في الناس أن النبي ( ﷺ ) غضب على عبد الله لخبر زيد، فأرسل النبي
( ﷺ ) إلى عبد الله، فأتاه ومعه رجال من الأنصار يرفدونه ويكذبون عنه، فقال له النبي
( ﷺ ) : أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني عنك '، قال عبد الله : والذي أنزل عليك
الكتاب ما قلت شيئاً من ذلك قط، وإن زيداً لكاذب وما عملت عملاً قط أرجى في
نفسي أن يدخلني الله به الجنة من غزاتي هذه معك، وصدقه الأنصار، وقالوا : يا رسول
الله، شيخنا وسيدنا لا يصدق عليه قول غلام من غلمان الأنصار مشى بكذب ونميمة
فعذره النبي ( ﷺ )، وفشت الملامة لزيد في الأنصار، وقالوا : كذب زيد، وكذبه النبي ( ﷺ )،
وكان زيد يساير النبي ( ﷺ ) في المسير قبل ذلك، فاستحى بعد ذلك أن يدنو من النبي
( ﷺ ) فأنزل الله تعالى تصديق زيد، وتكذيب عبد الله، فقال :( هم ( يعني عبد الله


الصفحة التالية
Icon