صفحة رقم ٣٩
مساكن لكم ) فارجعوا ( إلى المدينة خوفاً ورعباً من الجهد والقتال في الخندق، يقول
ذلك المنافقون بعضهم لبعض، ثم قال :( ويستئذن فريقٌ منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورةٌ (
يعني خالية طائعة هذا قول بني حارثة بن الحارث، وبني سلمة بن جشم، وهما من
الأنصار وذلك أن بيوتهم كانت في ناحية من المدينة، فقالوا : بيوتنا ضائعة نخشى عليها
السراق، يقول الله تعالى :( وما هي بعورة ( يعني بضائعة ) أن ( يعني ما ) يريدون إلا فرارا ) [ آية : ١٣ ] من القتل نزلت في قبليتن من الأنصار بني حارثة وبني سلمة بن
جشم، وهموا أن يتركوا أماكنهم في الخندق ففيهم يقول الله تعالى :( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) [ آل عمران :
١٢٢ ]، قالوا : بعدما نزلت هذه الآية ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا إذ كان الله ولينا.
الأحزاب :( ١٤ ) ولو دخلت عليهم.....
قوله تعالى :( ولو دخلت عليهم من أقطارها ( يقول : ولو دخلت عليهم المدينة من
نواحيها يعني نواحي المدينة ) ثم سئلوا الفتنة ( يعني الشرك ) لآتوها ( يعني لأعطوها عفواً يقول : لو أن الأحزاب دخلوا المدينة، ثم أمروهم بالشرك لأشركوا ) وما تلبثوا بها إلا يسيرا ) [ آية : ١٤ ] يقول : ما تحسبوا بالشرك إلا قليلاً حتى يعطوا طائعين
فيكفوا.
الأحزاب :( ١٥ ) ولقد كانوا عاهدوا.....
ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه :( ولقد كانوا عهدوا الله من قبل ( قتال الخندق وهم
سبعون رجلاً ليلة العقبة قالوا للنبي ( ﷺ ) اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال النبي
( ﷺ ) :
أشترط لربي أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما
تمنعون منه أنفسكم وأولادكم ونساءكم '، قالوا : فما لنا إذا فعلنا يا نبي الله، قال : لكم
النصر في الدنيا والجنة في الآخرة، فقالوا : قد فعلنا ذلك، فذلك قوله : وقد كانوا عاهدوا
الله من قبل، يعني ليلة العقبة حين شرطوا للنبي ( ﷺ ) المنعة ) لا يولون الأدبر ( منهزمين
وذلك أنهم بايعوا للنبي ( ﷺ ) أنهم يمنعونه مما يمنعون أنفسهم وأولادهم وأموالهم، يقول الله
عز وجل :( وكان عهد الله مسئولاً ) [ آية : ١٥ ] يقول : أن الله يسأل يوم القيامة عن
نقض العهد، فإن عدو الله إبليس سمع شرط الأنصار تلك الليلة، فصاح صيحة أيقظت
الناس، فقال النبي ( ﷺ ) لإبليس :' أخسأ عدو الله '.
تفسير سورة الأحزاب من الآية ( ١٦ ) إلى الآية ( ١٧ ).


الصفحة التالية
Icon