صفحة رقم ٤٢٨
الإنسان :( ٨ ) ويطعمون الطعام على.....
وأما قوله :( ويطعمون الطعام على حبه ( أي على حبهم الطعام ) مسكينا ويتيما وأسيرا (
[ آية : ٨ ] نزلت في أبي الدحداح الأنصاري، ويقال :
في علي بن أبي طالب، رضي الله
عنه، وذلك أنه صام يوماً، فلما أراد أن يفطر دعا سائل، فقال : عشوني بما عندكم، فإني
لم أطعم اليوم شيئاً، قال أبو الدحداح، أو على : قومى فاثردى رغيفاً وصبى عليه مرقة،
وأطعميه، ففعلت ذلك فما لبثوا أن جاءت جارية يتيمة، فقالت : أطعموني، فإني ضعيفة
لم أطعم اليوم شيئاً، قال : يا أم الدحداح، : قومى فاثردى رغيفاً وأطعمها، فإن هذه والله
أحق من ذلك المسكين، فبينما هم كذلك إذ جاء على الباب سائل أسير ينادي : عشوا
الغريب في بلادكم، فإني أسير في أيديكم وقد أجهدنى الجوع، فبالذي أعزكم وأذلني
لما أطعمتموني، فقال أبو الدحداح : يا أم الدحداح، قومي ويحك فاثردى رغيفاً وأطعمي
الغريب الأسير، فإن هذا أحق من أولئك فاطعموا ثلاث أرغفة، وبقى لهم رغيف واحد،
فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم يمدحهم بما فعلوا، فقال :( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ( يعنى باليتيم من لا أب له ولا أم، ) وأسيرا ( من أسارى المشركين
الإنسان :( ٩ ) إنما نطعمكم لوجه.....
) إنما نطعمكم لوجه الله ( يعنى لمرضات الله تعالى ) لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) [ آية : ٩ ] يعني أن
تثنوا به علينا
الإنسان :( ١٠ ) إنا نخاف من.....
) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا ( يعني يوم الشدة.
قال الفراء، هو وأبو عبيدة : هو المنتهى في الشدة ) قمطريرا ) [ آية : ١٠ ] يعنى إذا عرق
الجبين فسال العرق بين عينيه من شدة الهول، فذلك قوله :( قمطريرا ( فشكر الله أمرهم،
فقال :
الإنسان :( ١١ ) فوقاهم الله شر.....
) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ( يعنى يوم القيامة شر جهنم ) ولقهم نضرةً وسروراً (
[ آية : ١١ ] نضرة في الوجوه وسروراً في القلوب، وذلك أن المسلم إذا خرج من قبره
يوم القيامة نظر أمامه، فإذا هو بإنسان وجهه مثل الشمس يضحك طيب النفس، وعليه
ثياب بيض، وعلى رأس تاج، فينظر إليه حتى يدنو منه، فيقول : سلام عليك، يا ولي الله،
فيقول : وعليك السلام من أنت يا عبد الله أنت ملك من الملائكة. فيقول : لا، والله،
فيقول : أنت نبي من الأنبياء ؟ فيقول : لا والله، فيقول : أنت من المقربين ؟ فيقول : لا والله،
فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح أبشرك بالجنة، والنجاة من النار، فيقول له : يا
عبد الله، الله أبعلم تبشرنى ؟ فيقول : نعم، فيقول : ما تريد مني ؟ فيقول له : اركبني،
فيقول : يا سبحان الله، ما ينبغى لمثلك أن يركب عليه، فيقول : بلى فإني طال ما ركبتك
في دار الدنيا، فإني أسألك بوجه الله، إلا ما ركبتنى، فيقول : لا تخف أنا دليلك إلى الجنة
فيعم ذلك الفرح في وجهه حتى يتلألأ، ويرى النور والسرور في قلبه، فذلك قلبه :