صفحة رقم ٤٣٠
الكثرة، مثل اللؤلؤ المنثور الذي لا يتناهى عدده، قوله :
الإنسان :( ٢٠ ) وإذا رأيت ثم.....
) وإذا رأيت ثم رأيت ( يعنى هنالك
في الجنة رأيت ) نعيما وملكا كبيرا ) [ آية : ٢٠ ] وذلك أن الرجل من أهل الجنة له قصر،
في ذلك القصر سبعون قصراً، في كل قصر سبعون بيتاً، كل بيت من لؤلؤة مجوفة طولها
في السماء فرسخ، وعرضها فرسخ، عليها أربعة ألف مصراع من ذهب، في ذلك البيت
سرير منسوج بقضبان الدر والياقوت، عن يمين السرير، وعن يساره أربعون ألف كرسي
من ذهب قوائمها باقوت أحمر، على ذلك السرير سبعون فراشاً، كل فراش على لون،
وهو جالس فوقها، وهو متكئ على يساره عليه سبعون حلة من ديباج، الذي بلى جسده
حريرة بيضاء، و على جبهته أكليل مكلل بالزبرجد، والياقوت، وألوان الجواهر كل
جوهرة على لون.
وعلى رأسه تاج من ذهب فيه سبعون ذؤابة، في كل ذؤابة درة، تساوى مال المشرق
والمغرب، وفي يديه ثلاث أسورة، سوار من ذهب، وسوار من فضة، وسوار من لؤلؤ،
وفي أصابع يديه ورجليه خواتيم من ذهب وفضة فيه ألوان الفصوص، وبين يديه عشرة
آلاف غلالا يكبرون ولا يشيبون أبداً، ويوضع بين يديه مائدة من ياقوتة حمراء، طولها
ميل في ميل، ويوضع على المائدة سبعون ألف إناء من ذهب وفضة في كل إناء سبعون
لوناً من الطعام، يأخذ اللقمة بيديه، فما يخطر على باله حتى تتحول اللقمة عن حالها التي
يشتهيها، وبين يديه غلمان بأيديهم أكواب من ذهب، وإناء من فضة معهم الخمر والماء،
فيأكل على قدر أربعين رجلاً من الألوان كلها، كلما شبع من لون من الطعام سقوه
شربة مما يشتهى من الأشربة فيتجشى.
فيفتح الله تعالى عليه ألف باب من الشهوة من الشراب، فيدخل عليه الطير من
الأبواب، كأمثال النجائب فيقومون بين يديه صفاً، فينعت كل نقسه بصوت مطرب
لذيذ ألذ من كل غناء في الدنيا، يقول : يا ولي الله، كلني إني كنت أرعى في روضة
كذا وكذا، من رياض الجنة، فيحلون عليه أصواتها، فيرفع بصره فينظر إليهم، فينظر إلى
أزهاها صوتاً، وأجودها نعتاً، فيشتهيها، فيعلم الله ما وراء شهوته في قلبه من حبه،
فيجئ الطير فيقع على المائدة بعضه قديد، وبعضه شواء، أشد بياضاً من الثلج، وأحلى من
العسل، فيأكل حتى إذا شبع منها، واكتفى طارت طيراً كما كانت، فتخرج من الباب
الذي كانت دخلت منه.
فهو على الأرائك وزوجته مستقبلة، يبصر وجهه في وجهها من الصفاء والبياض،