صفحة رقم ٤٦٧
آخر القصة، ثم ينادى مناد بالأسود بن عبد الأسد، أخي عبد الله المؤمن فيريد الشقى أن
يدنو، فينتهرونه، ويشق صدره حتى يخرج قلبه من وراء ظهره من بين كتفيه، ويعطى
كتابه، ويجعل كل حسنة عملها في دهره في باطن صحيفته، لأنه لم يؤمن بالإيمان،
وتجعل سيئاته ظاهر صحيفته، ويحجب عن الله عز وجل فلا يراه، ولكن ينادى مناد من
عند العرش يذكره مساوئه.
فكلما ذكر مساوئه : قال : أنا أعرف هذا، لعنه الله، فتجئ اللعنة من عند الله عز
وجل، حتى تقع عليه، فيلطخ باللعنة، فيصير جسده مسيرة شهر في طول مسيرة ثلاثة
أيام ولياليهن، ورأسه مثل الأقرع، وهو جبل عظيم بالشام وأنيابه مثل أحد، وحدقتاه
مثل جبل حراء، الذي بمكة، ومنخره مثل الووقين وهما جبلان، وشعره في الكثرة مثل
الأجمعة، وفي الطول مثل القصب، وفي الغلظ مثل الرماح، ويوضع على رأسه تاج من
نار، ويلبس جبة من نحاس ذائب، ويقلد حجراً من كبريت، مثل الجبل تشتعل فيه النار،
وتغل يداه إلى عنقه، ويسود وجهه، وهو أشد سواداً من القبر، في ليلة مظلمة، وتزق
عيناه، فيرجع إلى إخوانه، فأول ما يرونه يفزع منه الخلائق حتى يمسكوا على آنافهم من
شدة نتنه، فيقولون : لقد أهان الله هذا العبد، لقد أخزى الله هذا العبد، فينظرون إلى
كتابه، فإذا سيئاته ظاهرة، وليس له من الحسنات شئ، يقولون : أما كان لهذا العبد في
الله عز وجل حاجة، ولا خافه يوماً قط، ولا ساعة، فحق لهذا العبد، إذ أخزاه الله
وعذبه، فتلعنه الملائكة أجمعون، فإذا رجع إلى الموقف لم يعرفه أصحابه، فيقول : أما
تعرفوني ؟ قالوا : لا والله، فيقول : أنا الأسود بن عبد الأسد، فينادى بأعلى صوته، فيقول :
( يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه ) [ الحاقة : ٢٥ - ٢٨ ].
الإنشقاق :( ١٠ - ١٢ ) وأما من أوتي.....
يقول : يا ليت كان الموت أن أموت فأستريح من هذا البلاء هلك عن حجتي اليوم،
ثم يقول : الويل، فيبشر أخوه المؤمنين، ويبشر هذا الكفار، فذلك قوله تعالى ) وأما من
أوتي كتبه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبوراً ويصلى سعيراً ) [ آية : ١٢ ] يقول : يدعو
بالويل، ويدخل النار، يقول :
الإنشقاق :( ١٣ ) إنه كان في.....
) إنه كان في أهله مسرورا ) [ آية : ١٣ ] يقول في قومه
كريماً، قال فيذله الله عز وجل يوم القيامة، قال :
الإنشقاق :( ١٤ ) إنه ظن أن.....
) إنه ظن أن لن يحور ) [ آية : ١٤ ] يقول :
أن لن يبعث الله تعالى
الإنشقاق :( ١٥ ) بلى إن ربه.....
) بلى إن ربه كان ) ٦ يقول الذي خلقه ) به بصيراً ) [ آية : ١٥ ] إنه
شهيد لعلمه.


الصفحة التالية
Icon