صفحة رقم ٥١٥
في الدنيا في الخير والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، وأيضاً، فذلك
قوله :( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها ) [ الأحقاف : ٢٠ ]، وقال :
( ثم لتسئلن يومئذٍ عن النعيم (، وذلك أن الله عز وجل إذا جمع الكفار في النار
صرخوا : يا مالك، أضجت لحومنا، وأحرقت جلودنا، وجاعت وأعطشت أفواهنا،
وأهلكت أبداننا، فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار، فيرد عليهم مالك يقول :
لا، قالوا : ساعة من النهار، قال : لا قالوا فردنا إلى الدنيا، فنعمل غير الذي كنا نعمل،
قال : فينادى مالك، خازن النار، بصوت غليظ جهير، قال : فإذا نادى حسرت النار من
فوقه، وسكن أهلها، فيقول أبشروا فيرجون أن تكون عافية قد أتتهم، ثم ينادهم : يا أهل النار، فيقولون : لبيك : يا أهل البلاء، فيقولون : لبيك، فيقول :( أذهبتم في
طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم
تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) [ الأحقاف : ٢٠ ]، يا أهل
الفرش والوسائد والنعمة في دار الدنيا، كيف تجدون مس سقر ؟ قالوا : يأتينا العذاب من
كل مكان، فهل إلى أن نموت ونستريح، قال : فيقول : وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذاباً،
قال : فذلك قوله :( ثم لتسئلن يومئذٍ عن النعيم (، يعني الشكر للنعيم الذي أعطاه الله
عز وجل، فلم يهتد ولم يشكر، يعني الكافر.