صفحة رقم ٥٢٣
في الأرض من شدة وقعه، فعمد عبد المطلب، فأخذ فأساً من فئوشهم فحفر حتى عمق
في الأرض وملأه من الذهب الأحمر والجوهر الجيد، وحفر أيضاً لصاحبه فملأه من
الذهب والجوهم.
ثم قال لأبي مسعود :
هات خاتمك، واختر أيهما شئت، خذ إن شئت حفرتي، وإن
شئت حفرتك، وإن شئت فهما لك، فقال أبو مسعود : اختر لي، فقال عبد المطلب : إني
لم أجعل أجود المتاع في حفرتي وهي لك، وجلس كل واحد منهما على حفرة صاحبه،
ونادى عبد المطلب في الناس، فتراجعوا فأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به ذرعاً، وساد
عبد المطلب بذلك قريشاً، وأعطوه المقادة، فلم يزل عبد المطلب وأبو مسعود وأهلوهما
في غنى من ذلك المال، ودفع الله عز وجل عن كعبته وقبلته وسلط عليهم جنوداً لا قبل
لهم بها، وكان لهم بالمرصاد والأخذة الرابية، وأنزل فيهم ) ألم تر (، يعني يخبر نبيه ( ﷺ )
) كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ( يعني الأسود بن مقصود، ومن معه من الجيش وملوك
العرب.
الفيل :( ٢ ) ألم يجعل كيدهم.....
ثم أخبرهم عنهم، فقال :( ألم يجعل كيدهم في تضليل ) [ آية : ٢ ] الذي أرادوا من
خراب الكعبة واستباحة أهلها، ) في تضليل ( يعني خسار
الفيل :( ٣ ) وأرسل عليهم طيرا.....
) وأرسل عليهم طيرا أبابيل (
[ آية : ٣ ] يعني متتابعة كلها تترى بعضها على إثر بعض
الفيل :( ٤ ) ترميهم بحجارة من.....
) ترميهم بحجارة من سجيل (
[ آية : ٤ ] يعني بحجارة خلطها الطين
الفيل :( ٥ ) فجعلهم كعصف مأكول
) فجعلهم كعصف مأكول ) [ آية : ٥ ] فشبههم
بورق الزرع المأكول يعني البالي، وكان أصحاب الفيل قبل مولد النبي ( ﷺ ) بأربعين سنة،
وهلكوا عند أدنى الحرم، ولم يدخلوه قط.
قال عكرمة بن خالد :
حبست رب الجيش والأفيال
وقد رعوا بمكة الأجيال
قد خشينا منهم القتال
كل كريم ما جد بطال
يمشي يجر المجد والأذيال
ولا يبالي حيلة المختال
تركتهم ربي بشر حال
وقد لقوا أمراً له فعال ) ^
وقال صفوا بن أمية المخزومي :
يا واهب الحي الحلال الأحمس وما لهم من طارق ومنفس
أنت العزيز ربنا لا تدنس أنت حبست الفيل بالمعمس
حبست فإنه هكروس


الصفحة التالية
Icon