واعلم أن هذين الاسمين أعني: الحي القيوم مذكوران في القرآن معاً في ثلاث سور(١) كما تقدم، وهما من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قيل: إنهما الاسم الأعظم(٢)، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه، ويدل القيوم على معنى الأزلية، والأبدية(٣) ما لا يدل عليه لفظ القديم، ويدل أيضاً على كونه موجوداً بنفسه، وهو معنى كونه واجب الوجود.
و((القيوم)) أبلغ من ((القيام))؛ لأن الواو أقوى من الألف، ويفيد قيامه بنفسه، باتفاق المفسرين وأهل اللغة(٤)، وهو معلوم بالضرورة.

(١) سورة البقرة في الآية (٢٥٥) وفي سورة آل عمران، الآية (٢) وفي سورة طه، الآية (١١١).
(٢) انظر التفسير الكبير (٧/٤، ٥)، والجامع لأحكام القرآن (٣/٢٧١).
(٣) انظر مجاز القرآن (١/٧٨)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/٢٨).
(٤) ذكر طائفة من المفسرين وأهل اللغة نحو ما قاله المؤلف هنا، من أن القيوم يفيد قيامه بنفسه، وبعضهم يقول: هو القائم على كل نفس بما كسبت، أو هو القائم بتدبير أمر الخلق، وهذا يستلزم الأول، ولم يذكروا في ذلك خلافاً، مما يفيد صحة الاتفاق الذي ذكره المؤلف. انظر على سبيل المثال : جامع البيان (٥/٣٨٨)، ومعاني القرآن وإعرابه (١/٣٣٦، ٣٣٧)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/٢٥، ٢٦)، وتهذيب اللغة (٩/٣٦٠)، وتفسير القرآن للسمعاني (١/٢٥٧)، والمفردات، ص (٤١٧)، وتفسير القرآن لأبي الليث (١/٢٢٢)، ومعالم التنزيل (١/٢٣٨)، والنكت والعيون (١/٣٢٣).


الصفحة التالية
Icon