بيانه وإعلامه بفعله، فكما قال ابن كيسان(١): شهد الله بتدبيره العجيب، وأموره المحكمة عند خلقه، أنه لا إله إلا هو(٢). وقال آخر(٣):
وفي كل شيء له آية... تدل على أنه واحد
ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾(٤) فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه. والمقصود أنه سبحانه يشهد بما جعل آياته المخلوقة دالة عليه، ودَلالتها إنما هي بخلقه وجعله. وأما مرتبة الأمر بذلك والإلزام به …فإنه سبحانه شهد به شهادة من حكم به، وقضى وأمر، وألزم عباده به، كما قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾(٥) وقال تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾(٦) وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً﴾(٧) وقال تعالى: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾(٨) وقال: ﴿وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾(٩). والقرآن كله شاهد بذلك(١٠)...
(٢) أورده ابن الجوزي في زاد المسير (١/٣٦٢) منسوباً إليه. وباختصار شديد ذكره أبو حيان في البحر (٢/٤١٩) منسوباً إليه، وابن القيم في مدارج السالكين (٣/٤٧٣).
(٣) هو أبو العتاهية. انظر أبا العتاهية أشعاره وأخباره، ص (١٠٤)، والأغاني (٤/٣٥)، والبحر المحيط (٢/٤١٩).
(٤) سورة التوبة، الآية: ١٧.
(٥) سورة الإسراء، الآية: ٢٣.
(٦) سورة النحل، الآية ٥١.
(٧) سورة التوبة، الآية: ٣١.
(٨) سورة الإسراء، الآية: ٣٩.
(٩) سورة القصص، الآية: ٨٨.
(١٠) شرح العقيدة الطحاوية، ص (٤٤-٤٧) وتركت بعض ما ذكره المؤلف في الآية؛ لأن مضمونه فيما نقلت. والمؤلف أخذه من كلام ابن القيم في مدارج السالكين (٣/٤٦٩).