ب- أما مذهبه في الفقه: فهو حنفي(١)، يزن أقوال الأئمة بالكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة. ولقد وضع لنفسه منهجاً قويماً قاده إلى باب الإمامة، وجعل أبحاثه في غاية الدقة والمتانة، بعد توفيق من الله ورعايته نص عليه في كتابه الإتباع فقال: "فالواجب على من طلب العلم النافع أن يحفظ كتاب الله ويتدبره، وكذلك من السنة ما تيسر له، ويتضلع منها ويتروّى، ويأخذ معه من اللغة والنحو ما يصلح به كلامه، ويستعين به على فهم الكتاب والسنة، وكلام السلف الصالح - في معانيها - ثم ينظر في كلام عامة العلماء: الصحابة، ثم مَنْ بعدهم، ما يتيسر له من ذلك من غير تخصيص، فما اجتمعوا عليه لا يتعداه، وما اختلفوا فيه نظر في أدلتهم من غير هوى ولا عصبية، ثم بعد ذلك من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً"(٢).
٤- مؤلفاته والمناصب العلمية التي وليها:
أ- مؤلفاته: له عدة مؤلفات وقفت عليها جميعاً إلاّ واحداً، وكلها قوية - أعني ما وقفت عليه - في موضوعها ومضمونها، وإليك الحديث عنها بإيجاز.

(١) ذكره في قضاة الحنفية في مصر السيوطي في حسن المحاضرة (٢/ ١٨٤، ١٨٥) ووصفه جماعة من المترجمين له بالحنفي منهم ابن حجر في الدرر الكامنة (٣/١٥٩)، وابن تغري بردي في الدليل الشافي (١/٤٦٥)، والسخاوي في وجيز الكلام (١/ ٢٩٦).
(٢) الاتباع، ص (٨٨) والمؤلف في جميع كتبه (التنبيه على مشكلات الهداية، وشرح العقيدة الطحاوية، والاتباع، ورسالة في صحة الإقتداء بالمخالف) يحارب المتعصبين للأئمة، الذين يسوقون الأمة إلى الاختلاف والتنازع، ولكنه لا يمنع من تقليد الأئمة دون تعصب؛ فإنه القائل: "ومن ظن أنه يعرف الأحكام من الكتاب والسنة بدون معرفة ما قاله هؤلاء الأئمة وأمثالهم، فهو غالط مخطئ. ولكن ليس الحق وقفاً على واحد منهم، والخطأ وقفاً بين الباقين حتى يتعين اتباعه دون غيره". الاتباع، ص (٤٣).


الصفحة التالية
Icon