قوله تعالى وإذا رأى الذين ظلموا أي أشركوا العذاب يعني النار فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون لا يؤخرون ولا يمهلون وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم يعني الأصنام التي جعلوها شركاء لله في العبادة وذلك أن الله يبعث كل معبود من دونه فيقول المشركون ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو أي نعبد من دونك
فان قيل فهذا معلوم عند الله تعالى فما فائدة قولهم هؤلاء شركاؤنا فعنه جوابان
أحدهما أنهم لما كتموا الشرك في قولهم والله ما كنا مشركين عاقبهم الله تعالى باصمات ألسنتهم وإنطاق جوارحهم فقالوا عند معاينه آلهتهم رنبا هؤلاء شركاؤنا أي قد أقررنا بعد الجحد وصدقنا بعد الكذب التماسا للرحمة وفرارا من الغضب وكأن هذا القول منهم على وجه الاعتراف بالذنب لا على وجه إعلام من لا يعلم
والثاني أنهم لما عاينوا عظم غضب الله تعالى قالوا هؤلاء شركاؤنا تقدير أن يعود عليهم من هذا القول روح وأن تلزم الأصنام إجرامهم أو بعض ذنوبهم إذ كانوا يدعون لها العقل والتمييز فأجابتهم الأصنام بما حسم طمعهم
قوله تعالى فألقوا إليهم القول أي أجابوهم وقالوا لهم إنكم لكاذبون قال الفراء ردت عليهم آلهتهم قولهم وقال أبو عبيدة فألقوا أي قالوا لهم يقال ألقيت إلى فلان كذا أي قلت له قال العلماء كذبوهم في عبادتهم إياهم وذلك أن الأصنام كانت جمادا لا تعرف عابديها فظهرت فضيحتهم يومئذ إذ عبدوا من لم يعلم بعبادتهم وذلك كقوله سيكفرون بعبادتهم مريم ٨٣


الصفحة التالية
Icon