قوله تعالى أولئك لم يؤمنوا أي هم وإن أظهروا الإيمان فليسوا بمؤمنين لنفاقهم فأحبط الله أعمالهم قال مقاتل أبطل جهادهم لانه لم يكن في إيمان وكان ذلك الإحباط على الله يسيرا
ثم أخبر عنهم بما يدل على جبنهم فقال يحسبون الأحزاب لم يذهبوا أي يحسب المنافقون من شدة خوفهم وجبنهم أن الأحزاب بعد انهزامهم وذهابهم لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب أي يرجعوا إليهم كرة ثانية للقتال يودوا لو انهم بادون في الأعراب أي يتمنوا لو كانوا في بادية الاعراب من خوفهم يسألون عن أنبائكم أي ودوا لو انهم بالبعد منكم يسألون عن أخباركم فيقولون ما فعل محمد وأصحابه ليعرفوا حالكم بالاستخبار لا بالمشاهدة فرقا وجبنا وقيل بل يسألون شماتة بالمسلمين وفرحا بنكباتهم ولو كانوا فيكم أي لو كانوا يشهدون القتال معكم ما قاتلوا إلا قليلا فيه قولان
أحدهما إلا رميا بالحجارة قاله ابن السائب
والثاني إلا رياء من غير احتساب قاله مقاتل
ثم عاب من تخلف بالمدينة بقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أي قدوة صالحة والمعنى لقد كان لكم به اقتداء لو اقتديتم به في الصبر معه كما صبر يوم احد حتى كسرت رباعيته وشج جبينه وقتل عمه وآساكم مع ذلك بنفسه
وقرأ عاصم أسوة بضم الألف والباقون بكسر الألف وهما لغتان قال الفراء أهل الحجاز وأسد يقولون إسوة بالكسر وتميم وبعض قيس يقولون أسوة بالضم وخص الله تعالى بهذه الأسوة المؤمنين فقال لمن كان يرجو الله واليوم الآخر والمعنى أن الأسوة برسول الله إنما كانت لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وفيه قولان