في بيان معنى قوله تعالى (الحمد لله)
(الحمد لله) تتضمن أقسام التوحيد الثلاثة؛ وهي:
توحيد الربوبية، ومعناه أن الله هو خالق كل شيء ومربيه ومدبر أمره وهو قادر عليه.
وتوحيد الألوهية، ومعناه أن الله هو وحده المستحق للطاعة والعبادة والذل والخضوع والخوف والرجاء وسائر معاني أو أنواع العبادة؛ ولذلك وجب أن يفرد بذلك.
وتوحيد الأسماء والصفات، ومعناه أن نصف الله تعالى بكل كمال لائق به فنصفه بكل ما وصف به نفسه في كتابه أو حديث نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، من غير فلسفة ولا تشبيه.
وأما وجه تضمن قوله تعالى (الحمد لله) لهذه الأقسام الثلاثة فمن وجهين:
الوجه الأول:
إن الألف واللام في كلمة (الحمد) دالة في قول كثير من العلماء على استغراق الحمد بكل أنواعه وأفراده أي ان الحمد كله لله وليس أحد محموداً على الحقيقة إلا الله؛ ومن له الحمد كله فلا بد أن يكون على كل شيء قدير، وأنه خالق كل شيء، وإلا لما استحق الحمد كله، وهذا معنى توحيد الربوبية.
ومن كان بهذا الوصف فالعقل يقضي بوجوب عبادته بل وبوجوب أن يفرد وحده بالعبادة لأنه المستحق لها دون سواه، وهو معنى توحيد الألوهية.
ومن جهة أخرى فإن الحمد إذا اطرد في الزيادة والمبالغة فإنه ينتهي إلى العبادة، وهذا هو أيضاً توحيد العبادة أي الألوهية.
وأما توحيد الأسماء والصفات فإثبات الحمد إثباتٌ له؛ وإنما حمْد الله معناه وصفه بكل كمال مطلق، أي بكل وصف وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء أدرك العقل معنى كون ذلك الوصف كمالاً أو لم يدركه؛ وهذا هو توحيد الأسماء والصفات.
الوجه الثاني: